نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ماذا بعد منتدى الامن الداخلي والعالمي

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر 4 ديسمبر 2007

عقد يوم 19 نوفمبر منتدى الامن الداخلي والعالمي – الشرق الاوسط بمشاركة كبيرة من 600 خبير من 80 دولة للتداول في التحديات التي يتعرض لها الامن الداخلي من التطورات الاقليمية والدولية. يهدف المنتدى الى تنسيق سياسات الامن الداخلي ودمجها مع سياسات الامن العالمي والتوصل الى تصورات متكاملة في مواجهة التهديدات بتطبيق المفاهيم المتطورة في المجال الامني ومدى صلاحياتها في الخليج وثانيا بلورة رؤية شاملة للامن الداخلي تاخذ بالاعتبار الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية. وقد لخص المؤتمر التحديات الامنية في تصاعد التطرف والارهاب، والصراعات والحروب واستخدام الطاقة النووية، وتطرق المنتدى الى قضايا هامة مثل امن المعلومات وصناعة النفط وامن المطارات وحماية الافراد وامن الطاقة والتلوث. وقدا عارضت دول مجلس التعاون السلاح النووي كونه سوف يؤدي الى سباق تسلح في المنطقة، كما ناقش المنتدى تداعيات الوضع العراقي على الامن في المنطقة وبالذات التأجيج الطائفي وتاثيره السلبي. كما اكد المنتدين على اهمية اشراك مؤسسات المجتمع المدني في التصدي للتحديات الامنية.

كما ركز سمو رئيس الوزراء على أهمية حل القضية الفلسطينية على امن واستقرار العالم ومنطقة الشرق الاوسط والخليج مؤكدا وحدة الامن العالمي (منظومة واحدة). كما بين عبدالرحمن العطية (الامين العامل لمجلس التعاون) ان تبني صيغة امنية اقليمية معززة بصداقات قائمة على المصالح المشتركة هي معادلة فرضتها ضرورة العمل نتيجة لخلل في علاقات القوى السائدة في المنطقة وطموحات بعض القوى الاقليمية والدولية وتطلعاتها المتعارضة.

توصل المنتدى الى مبادئ هامة منها ان الامن لا يتجزء، وان الامن يحتاج الى تنمية اقتصادية، والامن يحتاج الى عدالة في معالجة القضايا الداخلية والخارجية. كما خلص الى ان الاسباب الرئيسية للمخاطر في العالم ناجمة من تسلط بعض القوى العالمية وتعاطيها مع القضايا من منظور مصالحا دون النظر الى مصالح الاخرين. ومن اهم ماورد في المنتدى على المستوى المحلي هو علاقة الامن بالتنمية الاقتصادية وحاجة كل منهما للاخر. اي ان الامن والاستقرار لا يتحقق دون تنمية اقتصادية، والتنمية تحتاج الى امن واستقرار. 

في الشهر الماضي اكتوبر 2007 اقيم مؤتمر اخر بعنوان مشابه وهو –  “الامن الاجتماعي” وخلص الى نتائج مشابهة تقول بشمولية الامن الوطني وحاجته للتنمية وتحسين المستوى المعيشي والكرامة الانسانية في تحقيق الامن والاستقرار.

 وهذا يجرنا الى عدد من الاسئلة الهامة حول السياسات التي ستتغير في الخليج نتيجة لتطبيق ماتوصل اليه المنتدى والمؤتمر السابق. اولها كيف ستتغير سياساتنا الخارجية تجاه “الاصدقاء” الذي تبين من نتائج المؤتمر انهم السبب في كثير من المخاطر الامنية في المنطقة؟ 

ثانيا كيف ستتغير سياساتنا تجاه الدول الاقليمية الاسلامية؟ هل سيتم التقارب وزيادة التبادل والتعاون الاقتصادي والتقرب لها ودمج مصالحنا معها  ليكون الاقتصاد هو اساس السياسة وليس العكس؟ 

ثالثا كيف ستتغير سياساتنا التنموية نحو مزيد من الاهتمام بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي الذي يعتبر اساس لاقتصاد مستدام وتحقيق استقلالية اقتصادية نسبية تمكننا من وضع اولوياتنا الامنية دون التعرض للاملاءات الاجنبية؟ وهل سنرى مولد مراكز ابحاث خليجية مشتركة تختص بتنمية الاقتصاد المعرفي الانتاجي استعدادا لما بعد النفط  واللحاق بركب التقدم والرقي الحقيقي والذي سوف ينعكس على رفع مستوى المعيشة وتقليل المخاطر الامنية الداخلية؟ 

رابعا هل سنرى تغيير في اسلوب ادارة الثروة وتوزيعها بحيث يتم تحقيق العدالة الاجتماعية وتزيل الكثير من الاحتقان واستغلاله من قبل المقرضين في التحريض على امن الوطن واستقراره؟ خامسا هل سيتغير منظورنا للاستعداد العسكري على المدى البعيد للاعتماد على صناعة عسكرية خليجية تحمي مقدراتنا وثرواتنا؟ سادسا هل سنرى بداية للتصدي للهيمنة الامريكية في المنطقة واستغلال امننا الخليجي وتجيرها لخدمة مصالحة؟ سابعا كيف ستسير مسيرة مجلس التعاون نحو مزيد من التقارب نحو الوحدة الخليجية والسوق المشتركة وتحقيق طموح المواطن الخليجي وتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية التي مضى على اقرارها ما يزيد على عشرين عاما؟ وهل سنرى اسلوب حوار في قمة الخلجي الحالية يعتمد على المصارحة والمكاشفة والتخلي عن الحساسية الزائدة للسيادة القطرية وتغليب المصلحة الخليجية على السيادة القطرية؟ وهل سنخرج بتعريف خليجي للارهاب وادانة التعريف الذي يضع منظمات المقاومة الفلسطينة ضمن قائمة المنظمات الارهابية؟ 

واخير هل سيكون هناك مفهوم حديث للامن القومي يعتمد على الجوانب التنموية وتحقيق العدالة والمساواة ومزيد من الديموقراطية واطلاق الحريات المسئولة والانفتاح والشفافية والتعامل مع مؤسسات المجتمع المدني من واقع حسن النية والقبول بها على انها شريك في التنمية وجزء اساسي في الاستقرار السياسي وبالتالي سحب البساط من تحت كل العابثين بالامن المحلي والخليجي. ام سيكون هذا المنتدى وذاك المؤتمر كغيرهم من التجمعات التي تنتهي وكأننا لا رحنا ولا جينا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *