نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

ماذا عن حلم التكامل الاقتصادي الخليجي؟

 تاريخ النشر :١٩ مارس ٢٠١٤ 

بقلم: د.محمد عيسى الكويتي

مقال الأسبوع: بعد الخلاف الخليجي وسحب السفراء هل حلم التكامل الخليجي مازال قائما؟ وهل تدفع الشعوب ثمن خلاف القيادات؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13144/article/12799.html

في الوقت الذي تواجه دول الخليج تحديات جمة تتعلق بمستقبلها وبقائها وعلىرأسها قضية الأمن الغذائي وقضية تنويع مصادر الدخل والتحرر من اعتمادهاعلى مصدر واحد ناضب للدخل وقضية الصدام الطائفي والفتنة المحدقة به،وفي الوقت الذي يتطلع المجتمع الخليجي إلى الوحدة الخليجية التي تلبيطموحاته وتؤهله للتصدي لمثل هذه التحديات وإقامة مجتمع منفتح ديمقراطييحقق اشتراطات التنمية المستدامة ويعطي كل ذي حق حقه ويمنحه القدرة علىتنمية مجتمعاته اقتصاديا وسياسيا وثقافيا؛ اذا به يصحو على أزمة سحبالسفراء الثلاثة من الشقيقة قطر.  

للأسف ركب البعض الموجه وراح يكيل التهم والتهويل والنيل من هذه الدولة اوتلك بتحليلات وشطحات خيالية مستغلا الوضع. وذهب البعض إلى إطلاقالعنان لتخيلاته في حدوث صدام مسلح بين دول الخليج على خلفية الخلافالحالي. 

هناك الكثير من التحليلات حول أسباب الخلاف لكن معظمها يصب في المواقفالمختلفة من الوضع في مصر ودور الإخوان المسلمين في المنطقة ودور مؤسسةالجزيرة الإعلامية في التأثير على مجريات الامور. نحن على يقين بأن الحكمةسوف تسود اذا تَرفَّع الجميع عن انتهاز الفرص للنيل من الدول او القياداتالسياسية، ونؤيد تدخل النائب عادل المعاودة ورفضة الإساءة او المساس بدولةقطر من أناس من خارج المنظومة وحتى من أبناء الخليج. هناك فرق بينالتحليل ومحاولة معرفة الأسباب والمساهمة في إيجاد الحلول والعلاج وبيناستغلال الخلاف لأغراض سياسية او شخصية ومحاولة تلميع الذات علىحساب مشاكل بين القيادات الحاكمة او بين الدول او الجماعات السياسية.  

ان خلف هذا الخلاف تكمن ثلاث قضايا أساسية؛ الأولى قضية الإصرار علىدخول الدين في السياسة والقول بان الإسلام دين ودولة وقيام أحزاب وجمعياتسياسية تتخذ من الدين أيديولوجيا وتحلم بإقامة دولة الخلافة. هذا في نظرنامخالف لروح الإسلام ورسالته التي أتت لإقامة الحق والعدل والاختيار الحر. انأبشع الفظاعات في التاريخ الإسلامي والاوروبي ارتكبت باسم الدينوالتعصب. 

والثانية هي الصراع السياسي والنزاع حول السيادة الوطنية بين الدول وعدمالقدرة على التنازل عن شيء من هذه السيادة من اجل المصلحة العامة (عبداللهبشارة، 2004). هذه النزعة هي في المحصلة النهائية اثرت على تأخر الوحدةالخليجية ومنع الاتفاق على إصلاحات اقتصادية مثل توحيد العملة والجماركوالتكامل الاقتصادي.  

القضية الثالثة هي مفهوم الحكم واختلافاته بين الأنظمة والشعوب ودور القيمالديمقراطية في التوفيق بين المفهومين.  

ونرى ان هناك إمكانية التوفيق متى ما سُمح لمنطق التاريخ ان يسود فسوفيأتي اليوم الذي تتوحد هذه النظرة بمفهوم السلطة الحديثة. 

في مثل هذه الأجواء نرى ان يستمر الإصرار الشعبي والشبابي من خلالمنظمات المجتمع المدني بالمطالبة والدفع في اتجاه الوحدة الخليجية خصوصاعلى المستوى التنموي والانفتاح السياسي. هذا التوجه كفيل بتعزيز المصالحوفرض واقع يصعب عنده تخلي دولة عن أخرى. ان تشابك المصالح سوف تجعلكل دولة تحتاج إلى الأخرى وتكملها كما ان الانفتاح السياسي يعطي الشعوبصوتا أكبر في اتخاذ القرار. الاتحاد الأوروبي بدأ بالجانب الاقتصاديالتنموي الذي يمس حياة الشعوب أولا قبل ان يتقدم إلى تقارب سياسي. فالقوةالاقتصادية هي أساس القوة العسكرية في عالم اليوم وليس كما كان فيالعصر الجاهلي والقرون الوسطى حيث القوة والغزو يجلب الثروة. 

الخلاف الحالي يجب ان لا يجعلنا نتجاهل او نغفل عن الهدف الاستراتيجيالذي تطمح له الشعوب من إقامة مجتمع خليجي يقوم على هيكل اقتصادييعتمد على سياسة علمية صناعية منتجة تتيح تنمية حقيقية ويفتح فرص عملللشباب لكي يساهم في بناء مستقبله. امن الخليج في الوقت الحاضر مرتهنبقضية واحدة فقط وهي النفط. واهتمام أمريكا بالمنطقة نابع من حاجتهاللتحكم في سياسة الطاقة (النفطية) العالمية. 

كما ان الدور الذي تلعبه دول الخليج في قضايا الشرق الأوسط والنفوذ الذيتمتلكه هو في النهاية مرتكز على ثروة نفطية تستطيع من خلالها التأثير علىقرارات الدول العربية الأخرى وعلى مجريات الأمور. متى ما تغير ذلك فلن يكونبالإمكان الاعتماد على الغرب لتقديم الحماية وستفقد دول الخليج أي قدرة علىالتأثير سواء في قرار الحماية او في قرارات الدول العربية.  

لذلك نرى أهمية وضرورة سيادة العقل ومعالجة الخلافات الحالية في ضوء هذهالمعطيات. التحديات الاقتصادية في نهاية المطاف هي ما يجب التركيز عليهوعقد المؤتمرات حولها ومناقشة محاورها ووضع السياسات والاستراتيجياتللإسراع في عملية الاستثمار في تنويع مصادر الدخل وتحقيق تكاملاقتصادي تنافسي يوفر لدول الخليج عنصر الرغبة في الاتحاد من منطقالحاجة لبعضها البعض. اما في ضوء اقتصاد النفط فان كل دولة تشعرباستقلال قرارها وتمسكها بسيادة كاملة دون تقديم التنازل الذي يتطلبه قيامأي نوع من الوحدة الخليجية لمصلحة الشعوب. 

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *