نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٠٤اغسطس ٢٠٢١

مقال الاسبوع – اللجنة التنسيقية تتولى مراجعة تطوير التعليم ولنا ان نطرح اسئلة اولها ماذا تعني جودة التعليم؟ وكيف سنقيم الجودة؟ ومن سيقود عملية تحسين الجودة ولماذا مازال الحديث عن الجودة بعد عقدين من الزمن؟ تطلعات المجتمع تحتاج رؤية واستراتيجية متعددة الابعاد بمؤشرات اداء على مستوى المجلس الاعلى لتكون دليل للجامعات والمؤسسات. هل سيشترك المجتمع في وضعها؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1261100

برآسة سمو ولي العهد رئيس الوزراء عقد اجتماع اللجنة التنسيقة (27 يوليو 2021) واستعرضت فيه قضية “تطوير مخرجات التعليم العالي”.  وفي نهاية الشهر الماضي  يقول رئيس مجلس امنا مجلس التعليم العالي بان “البحرين ستحافظ على ريادتها في التعليم اذا ما استمر نسق التحسن على نفس الوتيرة” (اخبار الخليج 30-7-2021). غير ان نفس الوتيرة قد لا تفي بمتطلبات التغيير التي تمر بها البحرين والمنطقة والعالم. الارجح ان قرار اللجنة التنسيقية ياتي من ادراك حجم التغيرات التي تحدث والحاجة الى تطوير مخرجات التعليم لمواكبتها، وهذا ما نادى به المجتمع على مدى العقدين الماضيين.

ما يؤكد الحاجة الى تطوير مخرجات التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص هو ما تقوم به الامين العام لمجلس التعليم العالي من الاستعانة بالخبرات الدولية والذي اعربت عنه في لقائها سفير اليابان وتطلعها لتعاون يرفع مستوى التعليم (اخبار الخليج 21-6-2021). اي اننا بحاجة الى تطوير مخرجات التعليم العالي وان الحاجة ملحة لدعم المسار الاقتصادي والاجتماعي والفكري لتنمية مجتمع يتاهب للاستفادة من الحداثة.

السؤال الان ماذا يعني تطوير التعليم العالي لنا في البحرين وما ذا نقصد بالجودة وهل هناك اتفاق بين مختلف الجهات على فهم مشترك؟ هل هو تخريج كوادر لسوق العمل بمختلف تخصصاته؟ ام تخريج مواطنين قادرين على الاضافة والارتقاء بالمجتمع في المجالات العلمية والتكنولوجية والفكرية؟ ام تخريج مواطنين يتحلون بقيم انسانية تحترم الانسان والعدالة والحق في ابداء الرأي واحترام الاختلاف ونبذ التعصب. ام كل هذه المتطلبات مجتمعة؟

من قانون التعليم العالي رقم 3 لسنة 2005 نستخلص ان مهام المجلس تنمية وتطوير المهارات والقدرات والبحث العلمي؛ تهيئة الخريجين للنجاح في الحياة والمرونة في مواكبة تحولات المعرفة؛ تنمية قدرات الطلبة على التفكير العلمي التحليلي الشمولي الناقد وحل المشكلات ابتكاريا؛ وتكوين قيادات مجتمعية في مختلف الانشطة تساهم في النهوض بالمجتع. ومن كلمة الامين العام (موقع الانترنت للمجلس) يتضح ان من مهامه ايضا “تولي مسئولية وضع وإدارة خطة تنفيذ استراتيجية تطوير التعليم العالي” ما يعني ضمنيا ان هناك استراتيجية للتعليم العالي وان مجلس الامناء مكلف بتنفيذها بالتعاون مع الجامعات. فمن يضع الخطة الاستراتيجية وماهي الالية لتفعيلها وترجمتها الى نتائج؟ وماهي المعايير لمتابعة التنفيذ وتحقيق النتائج؟ الاحصائيات المتوفرة في الموقع (اخر تحديث 2014) تتحدث عن اعداد الخريجين وجنسهم واعمارهم وتخصصاتهم وبلدهم الاصلي، دون ان يقدم اجابات على الاسئلة التي تحيط بجودة التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.

من هذا السرد يتضح ان التعليم العالي ليس امتداد للتعليم الاساسي بل انه تعليم يؤهل لانتاج معرفة وخلق مجتمع المعرفة؛ ويهتم بدور البحث العلمي وتلبيته لمتطلبات التنمية ودعم الابتكار وتطور المجتمع ومساهمته في فهم قضاياه ومناقشتها ودراستها وتقديم حلول لها؛ ويهيء خريجين يساهمون في ادارة شئون البلاد، ومجتمع الاعمال وسوق العمل؛ ويقومون بخدمة المجتمع من خلال التنشيط التنظيمي والثقافي والفكري. وبالتالي فان امام اللجنة التنسيقية مهمة كبيرة في تطوير التعليم العالي ووضع عدد من التعريفات الضرورية للاتفاق على متطلبات التطوير واحداث التقدم ووضع رؤية واستراتيجية واضحة تتفق مع متغيرات القرن الواحد والعشرين ومتطلبات التنمية والمجتمع.

النجاح في تفعيل الرؤى والخطط الاستراتيجية سوف يعتمد على اولا منهجية ادارة الاداء وتقييمه والمؤشرات التي تضعها الادارة لمتابعة ادائها؛ ثانيا توفر تمويل كاف للقيام بهذا الدور؛ ثالثا وجود التشريعات المناسبة لدعم البحث العلمي وتمكين الجامعات من البحث والنشر؛ رابعا وضع الحوافز للانتاج العلمي وتطبيقاته في القطاع الخاص وسوق العمل وكيف يتم وضع هذه الحوافز؟؛ خامسا والاهم سيعتمد على آليات المساءلة وتحديد المسئولية على تحقيق النتائج؟ اي ان ادارة الاداء لتحقيق النتائج يحتاج الى وسيلة لتقييمه ومتابعته ليس لمعاقبة المقصر وانما لتمكين المسئولين وتحفيزهم والتوفيق بين نظرتهم لجودة المخرجات وبين متطلبات النجاح. هذا يعني تكريس بيئة مناسة تقبل استخدام قياس وتقييم الاداء، وسياق اجتماعي وتنظيمي مواتي تستخدمه لادارة عملية التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.

هذا يضع مسئولية على مجلس التعليم العالي لقيادة العملية واتخاذ قرارات حول ماهي الجودة وكيف سيقيمها، وكيف سيفسر النتائج ونشرها وتعميمها. كما يتطلب منهجية تدعو بمشاركة المجتمع في المساهمة في تعريف وتطوير جودة مخرجات التعليم. وفي حالة مشاركة القطاع الخاص والمسئولين في التنمية الاقتصادية وسوق العمل ومنظمات المجتمع المدني واولياء الامور والهيئات الاكاديمية، فان الاهتمام سوف يتركز على ماهو مهم ويعبر عن تطلعات المجتمع ومتطلبات التنمية.

هذه التطلعات والمتطلبات بجوانبها المختلفة (الجانب المالي، التعليمي، البحثي، التدريبي، القيمي والاخلاقي) يتم ترجمتها الى خارطة استراتيجية متعددة الابعاد بمؤشرات على مستوى المجلس الاعلى للتعليم تكون بمثابة الدليل للجامعات والمؤسسات التعليمية لوضع خططها وبرامجها وسبل تقييمها. السؤال ما هو موقف مجلس التعليم العالي من اشراك المجتمع بفعالياته المختلفة في وضع تصوراتهم عن الاحتياجات والمتطلبات، ليس فقط للبحرين ولكن لمنطقة الخليج ان كانت الرؤية تشمل استقطاب طلبة من المنطقة؟ لذلك نرى ان الجهد المطلوب من اللجنة التنسيقية لتطوير جودة التعليم العالي سيكون كبيرا ونتمنى لها التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *