نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1.  مجلس النواب واليوم العالمي للفقر 

  تاريخ النشر :٣١ أكتوبر ٢٠١٢ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقالنا هذا الاسبوع : ماذا فعل النواب لمشكلة الفقر هل الفقر في ازدياد ام انحسار ومن يعرف الجواب؟ منذ عام 2007 والاحكومة تقدم الوعود بان الفقر تم السيطرة عليه، ماهي النتيجة وكيف يعرف المجتمع تفاصيل الموضوع؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12640/article/57823.html

 صادفت أول جلسة للبرلمان اليوم العالمي للفقر في 17 أكتوبر. تطرقت مداولات البرلمان الى قضايا كثيرة تتكرر سنويا تقريبا وهي الاسكان والبيوت الآيلة للسقوط والمتقاعدون والشباب، واستملاكات الاراضي، اضيف اليها هذه السنة وبشكل قوي قضية الفقر والعائلات المتعففة والمساعدات. شكا السادة النواب من ضعف المجلس في مواجهة هذه المشاكل المتزايدة والمتكررة منذ سنوات تمتد منذ بداية البرلمان.

 في 27-8-2008 «نُشر في أخبار الخليج أن هناك أكثر من 10 آلاف أسرة (10265) مستفيدة من الخدمات الاجتماعية، وهذه الأسر هي في الواقع التي يمكن تصنيفها على انها فقيرة»، الآن وبعد خمس سنوات من العمل الدؤوب ونحن الآن في نهاية 2012، كم أصبح عدد الأسر التي تتطلع الى المساعدات؟ هل العدد في ازدياد أم تناقص؟ هل هذا مجمل العدد الذي يمكن ان يصنف على انهم فقراء؟ أم ان الارقام مازالت تشوبها الحيطة والحذر؟

 في 4 يوليو 2007 نشرت أخبار الخليج تصريحا للمسئولين بمناسبة اجتماع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية، يقول التصريح إن «البحرين استطاعت محاصرة الفقر ومعالجة أسبابه» ويضيف «وان كان لدينا بعض الفئات في المجتمع التي هي بحاجة الى مد يد العون فقد بدأنا لذلك برنامجا طموحا لتقديم المزيد من المساعدات الى هذه الفئات»، كم كان مستوى الفقر آنذاك وكم هو اليوم؟

 في 30 أغسطس 2007 صدر تقرير لوكالة أنباء البحرين يبشر بمكرمات من اجل مستقبل أفضل نال البعد الاجتماعي نصيب الأسد منها وشملت زيادة الرواتب والأجور للموظفين والمتقاعدين والعمل على السيطرة على ارتفاع الأسعار ومنح الكثير من العلاوات الاجتماعية لذوي الدخل المحدود بما يضمن لهم الحياة الكريمة. هل تستمر المعالجة من خلال مكرمات مؤقتة ومسكنات؟

 في الحملات الانتخابية في 2002 طرح النواب الكثير من الوعود بتحسين أحوال المواطن وحددوا مشكلات مهمة منها الإسكان والتعليم والصحة والرواتب والفقر والتقاعد، وكذلك الحياة البحرية والسواحل والبحار والأراضي، وتكررت الوعود في انتخابات 2006 و2010 وفي افتتاح البرلمان قبل أيام لم يجد البرلمانيون ما يقولون سوى «نحن كممثلي جمعية… نؤيد بشدة تعديل وضع المواطن البحريني وندعو لدراسة حقيقية لخط الفقر».

 والآن يطالب النواب الحكومة بتحديد «خط حقيقي للفقر في البحرين». الرقم المعتمد حاليا هو 337 دينارا للأسرة التي لا يقل عدد افرادها عن خمسة. يرى النواب ان هذا الرقم لم يعد واقعيا في ضوء موجات الغلاء التي اجتاحت البلد. والسؤال هو كم عدد الاسر التي يقل دخلها عن خط الفقر؟ ولماذا يكون في دولة مثل البحرين هذا العدد من الفقراء؟ 

 في الفصول البرلمانية السابقة قدم النواب الكثير من المقترحات لتحسين الاوضاع وفي كل مرة تعتذر الحكومة بسبب ضيق اليد وقلة الحيلة، والمواطن ينتظر الفرج بمكرمة ملكية تخفف عنه ضنك الحياة فترة سرعان ما يتبخر تأثيرها وتعود الحياة الى حالتها من الحاجة. وتستمر معاناة السادة النواب مع الحكومة و«نهجها الذي لم يتغير وخاصة في أسلوب الرد على الاقتراحات برغبة». 

 من بين الحلول التي قدمها البرلمان لمعالجة الفقر هو تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفقر. كذلك يتطلع البرلمانيون على لسان السيد الدوسري «بالرغبة في استمرار الدعم الخليجي والحكومي للمشاريع التي تهدف الى تحسين المستوى المعيشي للمواطن»، والسيد الرميحي يريد «تكاتفا من اجل تهيئة الظروف المناسبة لرفاهية هذا الشعب»، ويتحسر على الوقت الضائع من 2008 حين تم طرح مشروع زيادة الرواتب كمقترح من قبل البرلمان وتم التوافق على زيادة 15% واليوم في 2012 تم تحويله الى مجلس الشورى ومازال قيد الدراسة، ويتمنى ان يكون القادم افضل وان «هناك خطوات جادة يقوم بها المجلس النيابي لمكافحة الفقر وتحسين المستوى المعيشي». 

 لا نعتقد ان البرلمان تنقصه الجدية ولا شك ان الدعوات والتفاؤل ينبعان من نية صادقة ورغبة أكيدة في تطوير مستوى المعيشة، لكن المشكلة مازالت قائمة ولن تتم معالجتها بالتمني. المشكلة تتطلب معالجة ضمن مفهوم ايجاد الثروة التي هدفت لها خطط التنمية في جميع أنحاء العالم من جهة، ومن جهة ثانية تتطلب معالجة ضمن مفهوم توزيع الثروة والعدالة الاجتماعية التي وعد بها الجميع.

 الجهود التي تبذل لتنويع مصادر الدخل قد تكون كبيرة لكن نتائجها مازالت غائبة عن المواطن ولا تظهر آثار تنويع في مصادر الدخل بدليل ان ميزانية الحكومة مازالت تعتمد بنسبة 80% على النفط ومساهمة النفط في الدخل القومي تراوح عند نسبة 25% بشكل مباشر، اما الاعتماد الفعلي على النفط فهو اكثر من ذلك. مساهمة الصناعات التحويلية هي في الواقع مشتقات النفط والألمنيوم الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الغاز ومنتجات البتروكيماويات التي هي الأخرى تعتمد على النفط. اي اننا مازلنا نعتمد على النفط والريع الحاصل منه، اضف الى ذلك سوء التوزيع غير العادل الذي لا ينصف الفقراء.

 نقول للسادة النواب الذين يشعرون بضعف المجلس إزاء هذه المشاكل: ان معالجة الفقر لن تتم من خلال المساعدات أو المكرمات أو حلول جزئية متفرقة، ولا حتى من خلال حصد بعض المراكز المتقدمة في عدد من المؤشرات مثل حرية الاقتصاد واستخدام تقنية المعلومات والتنمية البشرية. يتطلب الامر مسارين متلازمين: اولا: فكر جديد يعيد هيكلة الاقتصاد ويخرج بأفكار مبتكرة في توفير المصادر المالية للحكومة. ثانيا: لكي يشعر المواطن بنتائج التنمية الاقتصادية لا بد من الانفتاح والمشاركة السياسية الفاعلة التي تتيح طرح مشروع تنموي يضع في اعتباره كل متطلبات التنمية السياسية والاجتماعية والثقافية التي تحقق توزيع ثمار التنمية توزيعا عادلا. هذا الحل يمكن ان ينتهي خلال هذا الفصل التشريعي اذا كانت هناك إرادة حقيقية ورغبة صادقة لدى الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *