نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

مركز البحرين للتميز وتقييم جودة التعليم

http://media.akhbar-alkhaleej.com/source/15006/images/Untitled-1.jpg

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٤ أبريل ٢٠١٩ – 01:00

مقال الاسبوع- تقييم اداء الحكومة ضرورة للتطوير وخصوصا في التعليم الذي اصبح مشكلة مجتمعية وازمة معرفية وسبب من اسباب البطالة وهدر لرأس المال البشري وصدمة للقيادة السياسية التي تقول بان الانسان هو الثروة الحقيقية. التفريط فيه جريمة وطنية ومسئولية جسيمة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1164291

في المقال السابق تحدثنا عن تقييم أداء الحكومة خلال الأربع سنوات القادمة تنفيذا لبرنامجها. وضَع البرنامج أهدافا تتلخص في تعزيز قوة الاقتصاد وتنويع قطاعاته، والحفاظ على مكتسبات المواطنين، وتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز التوازن المالي. وقلنا إن هذه الأهداف وتحديدا المتعلقة بالتنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد تحتاج إلى مؤشرات أداء لمتابعتها. وبما أن أهم عنصر في التنمية المستدامة هو التعليم فسوف نخصص هذا المقال لمناقشة مؤشراته وأهمية إبرازها كرقم واحد في مركز التميز.

من البديهي أن السنوات الأربع القادمة ليست منفصلة عما سبق ولن تكون مستقلة عن المستقبل، ومن ثم يفترض أن تكون جزءا من صيرورة استمرت عشرات السنين. منطق المرحلة القادمة يتطلب من الحكومة القيام بتحديد متطلبات الابتعاد عن اقتصاد النفط تدريجيا. هذا يعني أننا سوف نحتاج إلى منظومة تعليمية تناسب هذا التحول. السؤال المطروح على الحكومة ووزارة التعليم تحديدا هو كيف نطور مخرجات التعليم لتواكب المستقبل؟

اعتمدت هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب منظومة قياس أداء التعليم وفق قيم ومتطلبات القرن الواحد والعشرين وتختصرها في ثمانية مبادئ، منها؛ التفكير النقدي والإبداع وحل المشكلات والابتكار والتنافسية والمواطنة المحلية والعالمية والثقافة التكنولوجية والقيادة وصنع القرار والريادة والمبادرة والتواصل والعمل الجماعي.

تتكون منظومة القياس المستخدمة من مجموعتين من المؤشرات، الأولى الفاعلية العامة للمدرسة والثانية القدرة على التحسن، تأتي تحتهما ثلاثة محاور هي جودة المخرجات وينقسم إلى قسمين: الإنجاز الأكاديمي والتطور الشخصي والمسؤولية الاجتماعية. المحور الثاني: هو جودة العمليات الرئيسية ويشمل مجال التعليم والتعلم والتقويم، ومجال التمكين وتلبية الاحتياجات الخاصة. أما المحور الثالث وهو ضمان جودة المخرجات والعمليات فيشمل القيادة والإدارة والحوكمة.

تقول الرئيس التنفيذي للهيئة إن الهيئة تسعى إلى مواكبة المستجدات من خلال تحديث أطر المراجعة، وإن أهم أهداف التحديث هو تطوير المخرجات التعليمية وفق مهارات القرن الحادي والعشرين، بحيث تكون المخرجات قادرة على التأقلم والمنافسة ومواجهة التحديات مما يقلص الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. بالنظر إلى منظومة مؤشرات القياس لا يظهر كيف ستنعكس المبادئ الثمانية (متطلبات القرن الواحد والعشرين) في مخرجات التعليم وكيف ستبرزها مؤشرات القياس المستخدمة في المحاور الثلاثة.

والآن وبعد عشر سنوات منذ إنشاء الهيئة، مازلنا غير قادرين على تحديد ما المهارات التي استطاعت منظومة التعليم تكريسها في الطلبة؟ وإلى أي حد نجحت في ذلك؟ ولا نستطيع أن نقول إننا تقدمنا من النقطة (أ) إلى النقطة (ب) في مجال مهارات القرن الواحد والعشرين الأساسية. علينا أن ندرك أن التقييم وإن اشتمل على المبادئ فإنه لا يمكن تحقيق نتائج. المطلوب وجود خطة من وزارة التربية والتعليم تتبنى المبادئ الثمانية وتضع برامجها وفق هذه المتطلبات وتعمل على إبراز التقدم فيها من خلال مؤشرات واضحة توضع بالتعاون مع هيئة ضمان الجودة، ويعبر عنها برقم واحد (aggregate score) في جدول يبين موقع كل مدرسة.

النقطة الثانية غير الواضحة في منظومة تقييم أداء التعليم هي البيئة المدرسية والمجتمعية التي تدعم مهارات القرن الواحد والعشرين. تنمية الابتكار والإبداع والفكر النقدي يتأتى من طريقة التدريس وكيفية إدارة المدرسة وطريقة التعامل مع الطلبة والعلاقة بين المدرسين والطلبة وأولياء الأمور. هذه العلاقة لا بد أن تكون منفتحة وتقوم على الحوار وحرية الرأي والتفكير النقدي والمشاركة في بعض الجوانب الإدارية الممكنة. تنمية مثل هذه الشخصية العصرية هي مسؤولية المنظومة التعليمية بالدرجة الأولى وكذلك أولياء الأمور ولكن المسؤولية الرئيسية تقع على الدولة في تعزيز المناخ المنفتح الذي يشجع على التفاعل مع القضايا ومعالجتها.

القضية الثالثة هي كيف ستتعامل الحكومة مع نتائج تقييم التعليم؟ منصة التميز في مجلس الوزراء تُعنى بوضع مؤشرات لأداء الوزارات. يمكن أن تستخدم نتائج جودة التعليم في «منصة التميز». أي هل يمكن للحكومة أن تتعامل مع عدد من الأرقام المتفرقة، أم أنها بحاجة إلى رقم واحد (aggregate score) يبين مدى تقدم جودة التعليم الأساسي والجامعي عبر السنوات، ويعبر هذا الرقم عن مجمل المؤشرات. يمكن الخروج بمثل هذا الرقم، بالتعاون مع هيئة ضمان الجودة، وإدراجه ضمن المؤشرات الوطنية في برنامج التميز، على أن يستخدم هذا المؤشر للحكم على جهد الوزارة في تحقيق التقدم في التعليم وفق مبادئ القرن الواحد والعشرين. 

القضية الرابعة هي أن التعليم منظومة متكاملة ومن ثم فهي تحتاج إلى تطوير وتقييم وقياس في عدد من المراحل والمكونات بما فيها البيئة المجتمعية والثقافية والسياسية. ما تقوم به هيئة ضمان الجودة يشمل بعض هذه المكونات مثل تقييم المدخلات من طلبة ومدرسين وجهاز إداري. كما تقوم بتقييم عملية التعليم نفسها من حيث كيف تتم وما المناهج التي تدرس وكيف يتم التدريس وما متطلبات النجاح فيها وكيف يقاس. كذلك تقوم الهيئة بتقييم المخرجات. لكن بما أن الهيئة تستخدم متطلبات القرن الواحد والعشرين فيمكن اعتبار ذلك مواصفات للمخرجات، ولا بد من ربط منظومة المؤشرات المستخدمة بهذه المواصفات، وكيف تؤثر هذه المخرجات في المجتمع على المدى المتوسط والبعيد. 

القضية الخامسة هي أن منظومة التعليم لا تعيش في فراغ، فهي جزء من المجتمع والدولة وتتأثر بالقوانين والسياسات والقيم التي تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم والحقوق والواجبات والمبادئ التي تؤطر هذه العلاقات. كما تتأثر بالبيئة الدولية والخارجية وبيئة العمل التي سوف تستوعب مخرجات التعليم. وأخيرا فإن إصلاح المنظومة سيعتمد على أمرين؛ الأول: جودة نظام السيطرة (الإدارة العليا) التي تأخذ قرارات التصحيح والعلاج. إن وجود أي ضعف في نظام السيطرة وفي البيئة العامة والقيم التي تحكم العلاقات سوف تؤثر إما بشكل إيجابي أو سلبي على منظومة التعليم. أهم هذه القيم التي تؤثر في منظومة التعليم هي الحرية التي تمكن الطالب من طرح الأسئلة واختيار مواضيع البحث والقدرة على إبراز النتائج بشكل لا يحابى ولا يداهن فيه. والأمر الثاني: وجود خطة منشورة لتطوير التعليم تتبناها الحكومة معتمدة على مؤشرات هيئة جودة التعليم المرتبطة بمتطلبات القرن الواحد والعشرين وتترجمها إلى واقع.

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *