نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. مستشفى الملك حمد ودور مجلس النواب 

  تاريخ النشر :20 مارس  2012 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

بلغت حالة الفساد في مستشفى الملك حمد درجة تستدعي النظر في قضية الفساد بجدية كبيرة من خلال تعديلات دستورية تعالج هذه الآفة المستشرية بحلول جذرية وليس بمعالجة كل حالة على حدة، الحالات كثيرة – كبيرة وصغيرة -#Bahrain

http://www.akhbar-alkhaleej.com/#!14028

 بلغت حالة الفساد في مستشفى الملك حمد درجة تستدعي النظر في قضية الفساد بجدية كبيرة من خلال تعديلات دستورية تعالج هذه الآفة المستشرية بحلول جذرية وليس بمعالجة كل حالة على حدة.

تناول موضوع الفساد في مستشفى الملك حمد العديد من الكتاب وعلى رأسهم الاستاذ لطفي نصر الذي ذكر ان هذه اموال مواطن تهدر ويقترح قانونا لتنظيم عملية ادارة المشاريع. كما تناول الموضوع الكاتب ابراهيم الشيخ من خلال الانتخابات الكويتية الاخيرة التي اجريت على ورقة مكافحة الفساد. 

أشارت كتلة المستقلين، في البيان الصادر (21 يناير 2011) إلى العديد من أوجه الفساد والإهمال التي أدت إلى تأخير إنجاز المشروع وزيادة كُلَف الإنشاء والتشغيل والإدارة، واستغربت الكتلة تجاهل ديوان الرقابة المالية والإدارية في تقاريره السنوية حالات الفساد المالي والإداري الصارخة، وأكدت الكتلة أن الفساد في العمليات الإنشائية المتعلقة بإنجاز مستشفى الملك حمد هو فضيحة مالية وإدارة وأخلاقية بكل المقاييس، وتفضح سعي بعض المسئولين إلى التربح والثراء غير المشروعين، وأكدت «ضرورة تحويل الجهات الحكومية أو المسئولين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد إلى النيابة العامة للتحقيق». كان هذا الحديث قبل اكثر من عام فماذا حدث؟

في مقال لسوسن الشاعر ترى ان الحالة (مستشفى الملك حمد) بيروقراطية في اسوأ حالاتها وتكشف عن «خلل كبير في الأداء الحكومي عادة ما يتسبب في تأخير المشاريع ، وفي زيادة الكلفة، وبالتالي يتسبب في معاناة المواطنين»، وتتساءل من المسئول عن هذه الاخفاقات؟ كذلك أسهمت في طرح القضية الكاتبة فوزية زينل في مقال لها في شهر يناير 2012 فترى ان فيروس الفساد وصل الى حد «من فقدان معنى العدالة» وجعل المواطن «ساخطا على وطنه ولقمة سائغة لكل من يريد ان يغرر به، وهذه الممارسات لن تنتج إلا مواطنا رافضًا وناقمًا ولن يكون سندا للبناء والنهوض»، وتصل الى نتيجة أنه «لا فائدة في إصلاح الوضع ما لم تكن هناك إرادة جادة». 

نحن امام حالة اثارت المجتمع كما اثارته حالات اكبر في السابق مثل التجريف والدفن وتقرير املاك الدولة. هذه الحالة اشترك فيها اكثر من وزارة واثارت اكثر من تساؤل، اولا: هل يوجد نقاش للمشاريع اول بأول كما اشار النائب حسن الدوسري؟ ثانيا: هل توجد خطة وبرنامج متكاملان على مستوى الحكومة وبالتالي تحفز الوزارات إلى التعاون بدل التزاحم على الانجاز على حساب وزارات اخرى كما صرحت النائبة لطيفة القعود؟ ثالثا: لماذا لا يتم اعفاء الوزارة المقصرة واسناد الواجب الى وزارة اخرى (كما اقترح النواب إسناد ادارة جميع المستشفيات الى قوة الدفاع)؟ 

رابعا: يطرح النواب والكتاب سؤالا حول كيف حدث ما حدث في هذه الحالة والحالات الاخرى؟ اما السؤال الاهم فهو لماذا حدث ما حدث؟

قدم الكتاب والنواب العديد من المقترحات منها «قانون لتنظيم عملية ادارة المشاريع» او «وقوف نوابنا بشجاعة في مساندة المواطن» في وجه الفساد وغيرهما من الاقتراحات المهمة ولكنها تعالج جزءا من المشكلة. نرى ان الامر يحتاج الى وجود منظومة متكاملة من المؤسسات المستقلة تسندها تشريعات دستورية لمكافحة الفساد وتحديد المسئولية السياسية للوزراء. منظومة من المؤسسات والتشريعات توفر للمجتمع القدرة على المتابعة والنقد والرقابة والمساءلة والمحاسبة والردع.

اشار الكاتب ابراهيم الشيخ الى بعض مقومات هذه المنظومة في طرحه عن التجربة الكويتية مثل وجود المعلومات التفصيلية عن قضايا الفساد التي يوفرها الناس لاثبات الحالات، ثانيا: وجود الارادة السياسية للمكافحة الفاعلة في الحالات التي تتوافر فيها المعلومات، وثالثا: وجود النواب القادرين على المواجهة، ورابعا: المواطن الذي عقد العزم على خوض المعركة ضد الفساد ومساندة النواب في مواجهتهم، هذه خطوات مهمة ولكنها لن تكفي.

ان نجاحنا في التعامل مع الفساد يتطلب ان تكون لدينا من المؤسسات والتشريعات ما هو كفيل بالتعامل المؤسسي مع هذه الحالات كما هو معمول به في كثير من دول العالم المتحضر. يشتكي النواب الفساد وهم الذين رفضوا هيئة مستقلة لمكافحة الفساد، يشتكون من شح المعلومات لإثبات الفساد وهم الذين يتلكأون في سن قانون حق الحصول على المعلومات وتحرير الاعلام عن السلطة التنفيذية والتشريع للشفافية . يشتكون من ضعف الرقابة وهم الذين يكبلون الصحافة بالحبس ويرفضون تحمل مسئولية الرقابة المالية والادارية، يشتكون من ضعف الاداء ويعفون الحكومة من ضرورة وضع برنامج مُلزم بالأداء والمحاسبة السياسية على التقصير، فهم الى الآن يطالبون الجهات العليا المسئولة عن تنفيذ المشاريع الحكومية بـ «إسناد الإشراف عليها إلى من يمتلك النزاهة والأمانة والضمير الحي». 

هذه المعالجة التي تعتمد على المعايير الاخلاقية عديمة الفائدة ما لم تتوافر الادوات الدستورية والهيئات المستقلة لمكافحة الفساد والارادة والقدرة على كشف وفضح الحالات من قبل اعلام مستقل – تحقيقا لرغبة احد الكتاب في امتلاك محطة تلفزيون تفضح هذه الحالات – والقضاء المستقل والشفافية المدعومة بقوة القانون في حق الحصول على المعلومات، وحرية تعبير تُعَرِّض كل متخذ قرار للنقد والتمحيص والمساءلة السياسية، ومجتمع حيوي بمؤسساته المدنية القوية تشريعيا وقانونيا يتابع شبهات الفساد. 

للأسف النواب مازالوا يفكرون بعقلية معالجة المشاكل اخلاقيا من دون طرح السؤال لماذا تحدث ولماذا تتكرر؟ طرح هذا السؤال وتكرار طرحه يجعلاننا نعيد النظر في قناعات ومسلمات سياسية ومجتمعية ومراجعتها لإكمال منظومة العلاج. طرح هذا السؤال هو الذي جعل الأمم تتقدم فمتى يحدث لنا ذلك؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *