نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١٩ أكتوبر ٢٠٢٢

مقال الاسبوع التقدم في مسار التجربة الديمقراطية يتطلب اجراء العديد من التعديلات وفق مبادئ برزت في مناقشات وحوارات واستطلاعات قامت بها الصحافة والفعاليات في المجتمع. منها تعديلات دستورية والقانون الانتخابي وتغييرات في اللائحة الداخلية من اجل تقوية المجلس كمؤسسة. يحتاج ذلك مطالبة المجتمع بالتغيير.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1312624

ونحن نخطوا خطوة اخرى في مسيرة التجربة الديمقراطية وتطويرها نتلمس المبادئ والاسس التي نتطلع الى تطوير التجربة وفقها. تحدث في هذه الفترة الكثير من الحوارات واللقاءات والندوات يمكن ان نستخلص منها هذه المبادئ. فمثلا نظمت اخبار الخليج مشكورة طاولة مستدير حول “تحولات التجربة الانتخابية في البحرين”. شارك فيها عدد من المهتمين واستعرضوا تاريخ الانتخابات في البحرين والخليج وحضور المرأة تاريخيا والحاجة لتحديد كوتا لتشجيع المرأة. كذلك عبر المشاركون عن اهمية الانفتاح الثقافي وقبول الاختلاف، واوردوا عددا من المبادئ الهامة، منها ضرورة خضوع الانتخابات “للشفافية والنزاهية وحياد السلطات، وحرمة دور العلم والعبادة والنأي بها عن الحملات الانتخابية”. كذلك نوقشت قضية الكفاءة في القدرات التكنوقراطية والسياسية والحضور المجتمعي والوعي السياسي والانخراط في النشاط المجتمعي والمشاركات في منظمات المجتمع المدني بشكل عام.

كذلك نظمت اخبار الخليج استطلاعا للرأي شارك فيه 421 مواطنا، بين ان المجلس “لا يمتلك الصلاحيات الكافية للقيام بالادوار المنوطة به”. فقد اتضح ان ما نسبته 54% من المشاركين يرون ان المجلس النيابي “يفتقد الصلاحيات الكافية”، وان 37% رأوا ان المجلس “يمتلك نسبة من الصلاحيات ولكنه بحاجة الى رفع سقفها”. اي ان 91% يرون ان المجلس بحاجة الى رفع سقف صلاحياته.

كما ساهمت وزارة الاعلام بمناقشة دور الصحافة في العملية الانتخابية والمسيرة الديمقراطية بشكل عام وبرز من المناقشة عدد من المبادئ التي من شأنها ان تسهم في تطوير المسيرة والعملية الانتخابية لرفع مستوى الفعالية والصلاحيات التي برزت الحاجة لها في الاستطلاع. فقد اتضح من هذا اللقاء ان الاعلام عليه دور كبير في تطوير العمل السياسي لما فيه مصلحة الوطن والمواطن. فمثلا ركز وزير الاعلام على اهمية تعزيز مبدأ “حرية الرأي والتعبير” لتطوير التجربة الديمقراطية واشاد بالتغطية الاعلامية التي وفرتها الصحافة المحلية. وحثها على المساهمة في الدور التنموي من خلال مناقشة قضايا المجتمع بكل “حرية ومهنية وموضوعية” وان تستمر في الاستعداد لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.

بالاضافة الى ذلك نظمت الصحافة المحلية استطلاعا اخر لمعرفة افضل النواب اداءا، حاز خمسة من النواب على اكبر نسبة واعتُبروا افضل النواب اداءا. من صيغة الاستفتاء وما ابداه المواطنون من آراء تبرز كذلك مبادئ اخرى لتطوير العملية الانتخابية والمسيرة الديمقراطية. يمكن للباحثين ان يتتبعوا اداء الفائزين الخمسة في الاستطلاع لاستخلاص المواقف التي عبر عنها الفائزين وسِجل تصويتهم في المجلس وما تشير اليه من مبادئ يمكن استخلاصها لتطوير العملية الانتخابية بحيث تكون اكثر استجابة لمتطلبات المجتمع. فهذا مجال للبحث للتعرف على التوجه العام في المجتمع، ومعرفة الخصال التي يعتبرها المجتمع مؤهِّلة لعضوية الملجس.

لم تتخلف الجمعيات الحقوقية عن الركب فقد ساهمت مساهمة كبيرة في تبيان بعض المبادئ الهامة التي ينبغي ان تترسخ وتتعزز في التجربة الديمقراطية. فمثلا يقول عنوانها ان “الناخبون يتطلعون الى برلمان قادر على مواجهة التحديات”. والاهم في هذا العنوان انهم يخاطبون المجلس حوحدة واحدة ويرون ان “المجلس” ينبغي ان يكون قادرا على الانجاز. وهذا يتفق مع نتائج الاستطلاع الذي اجرته اخبار الخليج في ان المجلس هو المخاطب وليس الاعضاء بصفة فردية. النقطة الثانية التي وردت فيما نُشر من قبل الحقوقيون قضية القدرة على “استخدام الادوات الدستورية”، وثالثا التركيز على ان النظام الانتخابي هو “احد العناصر الاساسية للديمقراطية التمثيلية”. هذه المبادئ الثلاث تبين جوهر التقدم في التجربة الديمقراطية التي نخوضها. مهم جدا ان يتم التعامل مع المجلس على انه وحدة واحدة تتطور مع الزمن بتمكين المجلس من استخدام الادوات الدستورية وتطوير هذه الادوات واجراء التعديلات التي تمكنه من ذلك؛ وان يتطور النظام الانتخابي ليمكن الناخب من الاختيار لتفرز العملية “برلمان قادر على مواجهة التحديات”. المبدأ الرابع الذي ورد في خطاب الحقوقيون هو ان “المجتمع المدني معني بمشاركة المواطنين في العملية السياسية، بما يحقق “التوازن بين متطلبات الناس ومصالح الدولة”، وهذا مبدأ مهم واساسي في تطوير العملية السياسية والتجربة البرلمانية، وكذلك في تحقيق اهداف التنمية. فالتوازن بين السلطات عنصر من عناصر “الضغط السياسي” الذي اعتبرته جمعية الحقوقيون مهم لنجاح التجربة الديمقراطية. خامسا يورد الحقوقيون اهمية مبدأ التوازن بين حقوق المواطنية وواجباتها، وان التمسك بالتجربة البرلمانية واجب وطني، وكذلك “الحرية والرعاية الصحية والتعليم وتوفير الامن والحماية”. واخيرا من المبادئ التي اوردها التقرير هو ضرورة التفريق بين “عدم الرضا والاحباط” او اظهار خيبة الامل، وان هذا يعالج بوجود سلطة تشريعية قوية تقوم “بالرقابة والمساءلة والتشريع”، اي ان الرقابة بدون مساءلة قليلة الجدوى كما ترى الجمعية.

وفي سابقة حميدة نظم الملتقى النيابي الشبابي السادس مؤتمر برعاية معالي رئيس مجلس الشورى، طالب بتخفيض سن الترشح لعضوية المجالس البلدية والنيابية الى 25، وانشاء صندوق لدعم البحث العلمي، كما برزت مقترحات اخرى مثل اهمية وجود كيان اهلي مستقل يعني بمراقبة الاداء البرلمان ونزاهة البرلمانيين وكذلك نزاهت العملية الانتخابية وتطويرها. فالرقابة الشعبية سوف تخدم العمل النيابي خصوصا ان كانت مدعومة من الحكومة ومن المجتمع. وحيت على تطوير مسيرة العمل البرلماني، وتعزيز قدراته. اتضح ان تشكيل لجان شعبية في الدوائر الانتخابية يمكن ان تكون احد الاليات التي من شأنها ان تعمل على مساعدة النائب في قراراته في التصويت والتعرف على الرأي العام بشكل مباشر. ويمكن ان تكون هذه اللجان الشعبية مترابطة ومتصلة مع بعضها لتمثل شبكة تكرس حيوية المجتمع ومنظماته وتدعم مشاركته الفاعلة في العملية الديمقراطية.

هذه المبادئ التي برزت يمكن ان تكون مادة جيدة لاجراء مسوحات ودراسات وابحاث تدرس المبادئ والمعايير التي برزت في هذه الانتخابات وغيرها والاستفادة منها في تطوير مسيرتنا الديمقراطية بما تقتضية المصلحة العامة، وسلامة التنمية والازدهار الاقتصادي وما يتطلبه مبدأ توازن السلطات والمجتمع والشارع التجاري. تطوير مسيرتنا مسئولية تقع على المجلس النيابي بالدرجة الاولى وبدعم ومساندة الحكومة وبتفاعل المجتمع المدني. يتحقق ذلك بقيام كل بمهته في خلق هذا التعاون والتوازن. يتطلب ذلك زيادة النشاط البحثي في عملية التطوير وزيادة عدد استطلاعات الرأي واجراء الابحاث والدراسات للوقوف على سبل دعم المسيرة الديمقراطية. ليس فقط دراسات مباشرة في عمل المجلس ومدى استفادته من الصلاحيات الحالية وكيفية تطويرها، وانما كذلك دراسات وابحاث اجتماعية تبين مدى تطور المجتمع ورفع مستوى المعيشة وبالذات الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، والارتقاء بالخدمات الحكومية والضمان الاجتماعي ليمثل شبكة حماية تعزز جهود التنمية.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *