نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. منظومة العمل الاداري – الحلقة الثالثة 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر 28 ابريل 2007 

في الحلقة الاول دفعنا بان الموظف ليس السبب الرئيسي في تدني الاداء في الوزارات الخدمية وان ذلك غالبا ما يرجع الى ضعف نظام العمل، وبينا في الحلقة الثانية بان العملية الادارية هي جزء من منظومة الاصلاح الشامل وبالتالي فعليها تحديدات ومعوقات سياسية واجتماعية وتنظيمية وادارية تحتاج الى تناول شمولي لتحقيق الاصلاح الاداري. وفي هذه الحلقة سوف نتناول منظومة العمل الاداري والمبادئ والاسس التي تحكم عملية الاصلاح الاداري.

ما المقصود بالمنظومة الادارية. 

المنظومة الادارية في حد ذاتها هي وسيلة تحقيق اهداف باقل قدر من المعاناة (للمواطن) وباقل قدر من التكاليف والجهد والوقت. اي انها تسعى الى تحقيق الكثير (من الاهداف المرغوب فيها) بالقليل (من الجهد والمال والعناء). 

وفي هذا السياق نُعرف منظومة العمل الاداري على انها “مجموعة العمليات والانشطة والاجراءات التي تقوم بها المؤسسة لتأدية رسالتها وتنفيذ سياساتها وتحقيق أهدافها ونتائجها وتقييم أدائها بكفاءة وفعالية واقتصادية وعدالة مراعين في ذلك قيم سليمة متفق عليها”. ويشتمل هذا التعريف على جانبين لمنظومة العملية الادارية وهما الجانب القيادي والجانب الاجرائي كما يشمل على الوجه التقني والوجه الانساني للعملية الادارية. 

الجانب القيادي هو الذي يعني بالتوجهات العليا وبتحديد الرسالة والرؤى والاهداف والمعايير ووضع أسس تصميم الجانب الاجرائي (اي اسلوب العمل) واختيار الموظفين وتدريبهم وتحفيزهم لتأدية مهامهم ضمن العمل الاداري. اما الجانب الاجرائي فهو الذي يترجم هذه التوجهات الى نتائج من خلال نظام عمل واجراءات صممت وفق مبادئ تهدف الى تحقيق معايير السرعة والكفاءة والمساءلة والاقتصادية والعدالة التي وضعها الجانب القيادي. واي اخفاق في تحقيق هذه المعايير هي من مسئولية الجانب القيادي. وبالعودة الى التحقيق الذي نشر في اخبار الخليج والذي حمل الموظف مسئولية كبيرة في الاخفاقات والتعطيل نجد ان القيادة هي التي يجب ان تتحمل المسئولية الاكبر من حيث أنها هي المعنية بتصميم ومراقبة تنفيذ نظام العمل. ولكن حتى تغيير هذه القيادة (تغيير الوزير او القيادات الادارية) لن يجدي نفعا ما لم يُعمد الى تصميم نظام العمل وفق معايير واهداف تحقق نتائج محددة. فمثلا اذا كنا بصدد تصميم نظام عمل لاستخراج رخص بناء، فالمعيار قد يكون إنجاز 80% من الطلبات خلال شهر واحد وهذا قرار قيادي، اي ان المعيار يكون المدة اللازمة من استلام الطلب الى تسليم الرخصة، وعلى ضوء هذا المعيار يتم تصميم باقي الاجراءات والانشطة والانظمة مراعين في هذا التصميم التكاملية بينها وبين المكونات الاخرى. وان اي خلل في جزء من هذه المنظومة يؤثر على عمل الاجزاء الاخرى، اي ان وجود نظام غير سليم في وزارة معينة او إجراء غير سليم في ادارة ما يعطل العمل في وزارة اخرى ويعقد العملية بالنسبة للمواطن.  

ولكي تعمل المنظومة بشكل فعال لا بد ان تشمل مكونات اخرى هامة تكون جزء منها وليست خارجة عنها مثل نظام الاستشعار (Feedback system)، ونظام السيطرة والتحكم (control system)، ونظام اتخاذ القرار، ونظام التقييم الدوري للنتائج والاساليب، ونظام مراقبة التاثيرات الخارجية والتكيف معها. كما يجب ان يخضع التصميم الى مجموعة من المبادئ اهمها:

  1. التناول الشمولية في تصميم نظام العمل (Systems thinking approach to process design) وهذا يشمل وجود نقاش وحوار سياسي واداري لتحديد النتائج الاستراتيجية المطلوبة للدولة وكيف يتم ترجمة ذلك إلى أهداف على مستوى الوزارة والدائرة، وكيف ينعكس ذلك على الميزانية.
  2. وضوح رسالة ودور  المنظومة (الحكومة، الوزارة، الادارة) في الاستراتيجية العامة لمنع ازدواجية في الادوار واختلاط في الأهداف والأولويات.
  3. تقوم المنظومة بدورها من خلال عمليات وانشطة واجراءات روعي في تصميمها التكاملية بينها وبين المكونات الاخرى التركيز على تحديد وتعريف المخرجات والنتائج المطلوب تحقيقها بشكل اكبر من التركيز على الانجاز. (The end first)
  4. تصميم نظام الاستشعار (نظام قياس الأداء المؤسسي- Feedback) استنادا على استراتيجية واضحة يقوم بتحديد وتقييم مدى ما تم من تقدم نحو تحقيق الاهداف.
  5. وضوح مسئولية اتخاذ القرار واجراء الخطوات التصحيحية في الوقت المناسب (نظام اتخاذ قرار ونظام سيطرة) المسئولية الشاملة عن العملية، فالمسئولية لا تتجزأ.
  6. الاستقادة القصوى من تقنية المعلومات والحواسيب لزيادة فعالية العمل وليس فقط لاحلال الاجهزة محل الورق.
  7. ربط نظام الحوافز والميزانية والتقييم الدوري بنتائج العمل. واخيرا
  8. اخضاع سياسات التوظيف والترقيات والمكافآت وباقي السياسات المتعلقة بادارة القوة البشرية على الكفاءة والقدرة والتركيز على النتائج. 

وسوف نتناول بشيئ من التفصيل اهم هذه المبادئ في الحلقة القادمة ومقارنتها بالواقع الاداري في الحكومة قدر الامكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *