نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. من تنويع مصادر الدخل إلى رفع الدعم عن الوقود

تاريخ النشر :٢٠ يناير ٢٠١٦


بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

مقال الاسبوع-من المسئول عن فشل جهود التنمية بالرغم من تاكيدات المسئولين على مدى عقود بان البحرين تحقق نمو اقتصادي ونجاح في تنويع مصادر الدخل.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13816/article/2733.html
رفع الدعم عن الوقود بنسبة 60% كان مفاجأة لم يتوقعها المجتمع ولا نوابه بهذه السرعة وبهذه الصورة المنفردة من دون نقاش أو تحضير مسبق. رؤية طوابير السيارات تتزاحم في محطات الوقود عشية إعلان الزيادة ينبغي ان يجعل المسؤول يتساءل كيف وصل المجتمع البحريني إلى هذا الحد من تدني الدخل وصعوبة العيش؟ المواطن مستعد ان يقف في الطوابير ساعات لكي يوفر دينارا أو دينارين. ان ارتفاع سعر الوقود له تأثير مباشر على اسعار سلع اخرى، فالمواصلات بشكل عام سوف ترتفع، وأسعار السلع الاخرى جميعا سوف تتصاعد بدرجات متفاوتة بحسب تأثرها بتكاليف النقل. وهذا سوف يمس معيشة المواطن ومكتسباته، ولن تجدي التصريحات خلاف ذلك. هذا الاخفاق في حسن إدارة الثروة وبعثرتها على حياة بذخية للبعض ومخصصات فلكية وهبات لمن لا يحتاج بتحويل أملاك عامة إلى أملاك خاصة ينم عن سوء إدارة وتخطيط وعدم تحسب للمستقبل! فمن المسؤول عن هذا الفشل في إدارة الثروة؟
لنعد إلى الدستور ونرى ماذا يقول إزاء المسؤولية. تنص المادة العاشرة على ان «الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه التنمية الاقتصادية وفقا لخطة مرسومة، وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون». هذا يفترض ان تضع الحكومة خطة للتنمية وأن يتم تنفيذها بعدالة وبتعاون القطاع العام والخاص. فأين هذه الخطة وما هي نتائجها؟ المادة 48 من الدستور تنص على اهمية وجود سياسة حكومية يقوم بتنفيذها الوزير، فماذا كانت سياسة الحكومة في تنويع مصادر الدخل ومن كان المسؤول عن إقرارها وتنفيذها ومتابعتها؟ 
بناء على ذلك نرى ان الاخفاق ناتج عن خلل كبير في الادارة وفي السياسات المالية والاقتصادية والتنموية، يصاحب ذلك تسطيح وتحوير لمفهوم التنمية يدل على تجاهل بمبادئ اقتصادية. 
بالنسبة إلى سوء إدارة الميزانية فإنّ اكبر دليل على ذلك التضخم في الجهاز الاداري الذي اصبح يستهلك 77% من الميزانية، والارتفاع الفلكي في الدين العام والذي لا يعرف المجتمع تفاصيل أين تم صرف هذا الدين. فمثلا يقول الاستاذ جمال فخرو «الحكومة اقترضت مليار دينار في عام 2011 فيما كان العجز 30 مليونا فقط، فأين صرف المليار؟»، عدم إشراك المجتمع في وقت الرخاء، يجعل المواطن لا يفهم لماذا يدفع ثمن سوء ادارة الثروة التي لم يكن له صوت فيها؟ 
بلغ الأمر بمجلس النواب والشورى إلى الشكوى من عدم الاخذ بمقترحاتهم أو الاجابة عن أسئلتهم، وبعض هذه المقترحات والأسئلة تعود إلى 2008، و2009، و2010، و2011 على حد تعبير الأستاذ جمال فخرو والدكتورة لولوة العوضي. كذلك نبه مجلس النواب إلى وجود فوارق كبيرة بين المصاريف الفعلية على المشاريع والميزانية المرصودة لها، وطالب بتوضيح لأوجه انفاق الفوارق ولم يحصل على جواب. وهذا ليس بجديد، فمنذ عام 2005 والنواب يشكون من عدم توافر معلومات، فمثلا في ندوة نظمتها جريدة الأيام عام 2005 قال النائب جاسم عبدالعال «ان اللجنة المالية واجهت مصاعب في التعامل مع الحكومة وصعوبة الحصول على معلومات منها خلو الميزانية من إيرادات شركة البا». 
أما فيما يتعلق بالتنمية فقد اجمع الاقتصاديون بضرورة تنوع مصادر الدخل في مجال التصنيع والانتاج والمعرفة، ويرى د. جعفر الصايغ رئيس جمعية الاقتصاديين ان عدم التوجه في ذلك يعتبر خطأ في الاستراتيجية الاقتصادية. ويواصل: ان ما حصل هو «ان الانفاق الحكومي عوّد القطاع الخاص على الاعتماد على الحكومة». ادى ذلك إلى تكلس قدراته المستقلة وإضعاف قدرته على المبادرة والابتكار. ويرى الخبير الاقتصادي عبداللطيف جناحي ان عدم وجود تخطيط مسبق ادى إلى استمرار الهدر، ويرى ان رفع الدعم عن المواطن الميسور وعن الاجنبي سوف يرفع الاسعار بشكل عام. يشاركهم في ذلك رجال الاعمال، فمثلا يؤكد السيد على المسلم على ضرورة استثمار إيرادات النفط في انشاء المصانع من اجل تنمية الصناعات الوطنية وخلق فرص عمل تحافظ على الثروة الوطنية. 
إزاء ذلك يقول وزير المالية في منتدى البحرين الاقتصادي العالمي في 2010 ان «البحرين نمت بشكل جيد بلغ 3,2% في العام الماضي ومتوقع ان تنمو بنسبة 4% هذا العام وأنه يتعامل مع الازمة الاقتصادية (2008) بشكل جيد» وعزى ذلك إلى «السياسات المتحفظة والسليمة التي تطبقها المملكة في هذا السياق». أما رئيس مجلس التنمية الاقتصادية فيقول ان «البحرين دخلت الازمة الاقتصادية العالمية من موقف قوة من حيث السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية بفضل التنوع الاقتصادي وإن الارقام تبشر بخير». وعلى نفس الوتيرة يقول رئيس الجهاز المركزي للمعلومات «ان الاقتصاد البحريني مستمر في تحقيق معدلات جيدة بسبب سياسة اقتصادية إصلاحية تركز على انعاش النمو وتحصين مكسبات التنمية ودعم الاستثمار الخاص». ويضيف «ان ذلك مؤشر على مواصلة تنفيذ سياسة مالية ايجابية ونقدية ثابتة تزيد من الطلب وتحفز الاقتصاد في ظل التقلبات المستمرة لأسعار النفط». 
أما على مستوى مفهوم تنويع مصادر الدخل والتنمية الاقتصادية فنكتفي بتصريح الجهاز المركزي للاحصاء الذي يقول في 5-2-2015 «بلغ النمو 5,1% وهذا يشير إلى استمرارية النشاط الاقتصادي مدفوعا بإطلاق مشاريع البنية التحتية». هذا النمو لا يمثل بالضرورة تنمية اقتصادية الا إذا كان ذلك يخدم الاقتصاد الانتاجي ويرفع انتاجيته، اما في ظل عدم وجود اقتصاد انتاجي فإنّ ذلك يضيف إلى استهلاك الاصول (إيرادات النفط) ولا يعتبر تنمية وإن ادى إلى نمو الناتج المحلي. 
تصريحات المسؤولين المفرطة في التفاؤل تستلزم طرح السؤال الملح: لماذا إذن وصل الامر إلى هذا الوضع الذي اصبح فيه الاقتصاد يعتمد على النفط المتذبذب، مع علم الحكومة بعدم استقرار أسواق النفط؟ وفي ضوء وجود رؤية اقتصادية إلى 2030 نتساءل ألم تتحسب البحرين لاحتمال هبوط اسعار النفط والتحوط المطلوب لمثل هذا الاحتمال؟ ونكرر السؤال ما هو سبب الاخفاق في تنويع مصادر الدخل ومن المسؤول؟
mkuwaiti@batelco.com.bh   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *