نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. هل تم تكريم المعلم في «عيد المعلم»؟

  تاريخ النشر :١٦ أكتوبر ٢٠١٣ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع – التعليم في البحرين يخرج تلاميذ لا يقرؤون ولا يكتبون ولا يحسبون ولا يفكرون! فشلنا يعود الى عدم الاهتمام بالمعلم والانسان!

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12990/article/51886.html

 خلصنا في المقال السابق «التعليم في مركز الجزيرة الثقافي»، باربع قضايا هامة تعاني منها منظومة التعليم. القضية الاولى والاهم بطبيعة الحال هي وضع المعلم في البحرين اجتماعيا واقتصاديا. النقطة الثانية هي النزعة الدفاعية وعدم قبول الواقع غير المقنع؛ ثالثا رغبة الوزارة الجامحة في سرد وعرض المشاريع دون اعتبار مواز لنتائجها؛ ورابعا الاقبال الشديد على التعليم الجامعي بسبب محدودية خيارات خريجي التوجيهي.

 ليست وزارة التربية فقط هي الملامة في تدني مستوى التعليم بل يشترك في ذلك جهات أخرى. وتاكيدا لما نذهب اليه، فمثلا في مقابلة بين وزير التربية ووفد من اعضاء مجلس النواب (اخبار الخليج 25 سبتمبر 2013) وقد تم خلال الاجتماع تقديم عرض للنواب عن خطط وزارة التربية والتعليم وبرامجها ومشاريعها التطويرية المنبثقة عن المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب، وخطط تطوير التعليم العالي وعروض إنجازات جامعة البحرين وكلية البوليتكنك ومعهد البحرين للتدريب ومشاريعهم المستقبلية. لكن لم نر اي توجه نحو مناقشة مفتوحة في مجلس النواب مثلا عن اسباب تدني مستوى التعليم، ولا اجابات شافية عن المعايير التي تتبعها الوزارة في متابعة تاثير التعليم في المجتمع، ولا حتى مدى تاثير الجامعات في الانتاجية والابتكار، او حتى تفسير من وزارة التعليم عن الاعداد المتزايدة من «النوابغ» الذين يتخرجون بمجاميع تفوق 90% على مدى العشر سنوات الماضية ولا اين ذهب هؤلاء؟ ولماذا لا يبرز اثرهم في المجتمع؟

 من المقابلات التي اجريب مع خريجي التعليم العام ومن ما يستشعره رجال الاعمال في مقابلاتهم للعمل فان الانطباع العام هو ان منظومة التعليم تُخَرٍّج طلبة لا يقرؤون ولا يكتبون ولا يحسبون وفي كثير من الحالات لا يفكرون. قد تكون هذه الصورة غير دقيقة وغير منصفة للكثير من العاملين في الوزارة الذين يتفانون في خدمة المجتمع لكن للاسف هذه هي الصورة التي يحملها الكثيرون. ونرى لو ان الوزارة اعطت المعلم مثل الاهتمام الذي توليه للمشاريع والبرامج الاخرى لتغير الكثير. لكن كما يبدو فان الاهتمام بالمعلم يخضع كذلك لنفس المبدأ الاعلامي الذي ينتهي بمجرد انتهاء الفعالية وتقديم الهدايا والاشادة الانشائية.

 بمناسبة عيد المعلم الموافق 5 اكتوبر، اقامت وزارة التربية والتعليم احتفالا اكدت فيه على ضرورة تحسين اوضاع المعلم والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، كما بينت ان المعلم يحظى باولوية في المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب، ولم يتضح ما هو نوع هذه الاولوية. 

 بهذه المناسبة دعنا نسأل الوزارة هل مهنة التدريس هي مهنة مفضلة لدى الطلبة؟ لو طرحت وظيفة مدرس ضمن مجموعة من الوظائف، تُرى ماهي نسبة من سيختارون مهنة التدريس كخيارهم الاول؟ لن يتم الارتقاء بمهنة التدريس بمجرد الحديث عنها في المناسبات الاحتفالية وتقديم الهدايا التذكارية. ولا يمكن ان نبني جيلا معتمدين على معلمين يعتبرون التدريس آخر خياراتهم في حالة عدم توفر خيارات وفرص اخرى. حديث الوزير في كثير من المناسبات يبين بان هذه المسألة ليست غائبة عن ادراك الوزارة ولكن متى يتحول الحديث إلى تطبيق عملي يرفع قدر المعلم في المجتمع؟

 كذلك تدرك الوزارة الصلة الرابطة بين التعليم والتنمية، ولن تكون هناك تنمية حقيقية بدون معلمين على مستوى عال من التمكين ومسلحين بالمهارات والمعارف العصرية. في الوقت الحاضر مهنة التعليم لا تستهوي خيرة الخريجين ولا تنافس المهن المرموقة العالية الدخل. هذه معضلة لم تتصدّ لها الوزارة بفاعلية. كادر المعلمين قد يضع المعلم في مرتبة المهندس المبتدء والمحامي والمحاسب، لكن العبرة في اين ينتهي المدرس واين ينتهي المهندس المبتدئ والمحاسب والمحامي؟

 العالم يعاني من نقص حاد في الكوادر التعليمية الجيدة التي يمكن الاعتماد عليها في تخريج قادة المستقبل. لا يقتصر ذلك على البحرين فقط، فكثير من دول العالم تعاني من الظاهرة مما حدا باليونيسيف والاتحاد الدولي للمعلمين من اطلاق نداء «من اجل المعلمين». غير ان المنظومة التعليمية في البحرين ليست بالضرورة جاذبة للكفاءات في سلك التعليم، البيئة الجاذبة تحتاج إلى انفتاح وحرية فكرية تمكن المدرس من مناقشة مفتوحة مع طلابه لكي يخلق جيلا قادرا على المساءلة والابداع والتفكير الحر. فمتى يصبح التعليم جزءا من استراتيجية وطنية تنموية؟ وهل سيكون لصوت الطلبة والمدرسين والمجتمع نصيب في هذه الاستراتيجية؟

 في دراسة قامت بها شركة بوز اند كومبني. اظهرت الدراسة ان التلاميذ يدركون نقاط الضعف والقوة في نظم التعليم في دول الخليج. في هذا الاستطلاع يقول الطلبة انهم يريدون تعليما اكثر ايحاء وابتكارا ومتعة، وانهم يريدون المشاركة في تطوير التعليم وان يكون لهم صوت مسموع في برامج ومشاريع التطوير وتقييمها. ومع ان الدراسة لم تشمل طلبة من البحرين (لا نعرف السبب) فان الطلبة يرون ان تطوير التعليم يحتاج إلى عناصر أهمها زيادة خيارات الطلبة في البرامج الاكاديمية، وطرق تعليم أفضل، والاهم معلمون متمكنون ومحفزون ومقدرون، وكل عام والمعلمين بخير. 

 mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *