نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ورشة دعم الكهرباء.. والحد الأدنى للدخل

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي – 

الأربعاء ٠٦ يناير ٢٠٢١ 

مقال الاسبوع – دعم الكهرباء من الامور الهامة لمستوى معيشة المواطن كما هو اوجه الدعم الاخرى التي تقدمها وزارة العمل، غير ان تعدد الدعم وتنوعه لا يحقق حياة كريمة لكل من يستحق، فهناك من لا دخل له ولا تقاعد لا يستفيد من بعض الوجه الدعم. لذلك نرى توحيد الدعم وان يحدد حد ادنى للدخل وكل من يقل دخله عن ذلك يستلم دعم من الدولة. 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1233373

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن ورشة الجمعيات السياسية بعنوان («قطاع الكهرباء.. أين الخلل؟» – «أخبار الخليج» 27 ديسمبر 2020). تطرقت الورشة إلى قضيتين الأولى خصخصة إنتاج الكهرباء والثانية تتعلق بالدعم الحكومي. تحدثنا في مقال سابق عن الخصخصة وإمكانات التحول نحو الطاقة الشمسية (أخبار الخليج 30 ديسمبر 2020) وفي هذا المقال نطرح قضية الدعم المقدم من الحكومة. 

ناقشت الورشة قضية الدعم في ضوء التغيير الذي حدث في 2015 عندما تقرر خصخصة إنتاج الكهرباء، وفي 2016 تقرر إعادة هيكلة الدعم تدريجيا. قبل 2016 كان الدعم 350 مليون دينار انخفض إلى 141 مليونا في 2019 والى 48 مليونا في 2021. 

تشمل سياسة الدعم ثلاث فئات: المواطن، غير المواطن، والاستهلاك غير المنزلي (التجاري)، وتم إبقاء الدعم للمواطن من دون تعديل في منزله الأول بحسب معدلات الاستهلاك التالية: 3 فلوس لأول 3000 وحدة (كيلو وات ساعة) يرتفع إلى 9 فلوس (إلى ما دون 5000)، بعدها يرتفع إلى 16 فلسا. والمنزل الثاني (وكذلك غير المواطن) بدأ 6 فلوس، و13 فلسا، و19 فلسا على التوالي لمعدلات الاستهلاك. يتغير ذلك في 2020 إلى 29 فلسا لجميع فئات الاستهلاك. أما الاستهلاك التجاري فتكون التعرفة 16 فلسا لأول 5000 وحدة، ثم يرتفع إلى 29 فلسا، وبالتالي فإن المواطن في المنزل الثاني يدفع 29 فلسا على جميع معدلات الاستهلاك ويتحمل فاتورة أكثر من غير المواطن أو التجاري. نتفهم ذلك في سياق تشجيع الاقتصاد ودعمه بشكل غير مباشر، غير أننا نرى أن ترتفع الفئة الأولى (3 فلوس) للمواطن من 3000 وحدة إلى 5000 وحدة، والسؤال لماذا تم تحديد الفئة الأولى بثلاثة آلاف وحدة وليس أكثر أو أقل؟ ما هو المنطق في ذلك، ونرى أن 5000 وحدة هو أقرب لواقع مستوى محدودي الدخل، لكن القضية هي ليست في هذه التفاصيل بالرغم من أهميتها، وبالرغم من أن فاتورة الكهرباء تمثل أزمة لفئات كثيرة من المواطنين، وإنما القضية تتعلق بالدعم الحكومي كوسيلة لتحسين مستوى معيشة المواطن وتحقيق عدالة اجتماعية في مجتمعنا من منطلق تقليص الفجوة بين الدخول المرتفعة والدخول المحدودة الدخل.. إن رفع مستوى المساواة يسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي.

أي أن ذلك يمثل قضية مهمة للاستقرار ولا ينبغي أن ننظر إلى الدعم في فاتورة الكهرباء في معزل عن الدعم بشموليته، لا بد أن ينظر إلى الدعم كوحدة واحدة تشمل جميع الأوجه. هنا لا بد من طرح السؤال: ما أهداف منظومة الدعم الحكومي وهل تضمن الرعاية لجميع الفئات المحدودة الدخل في المجتمع؟ وهل لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية جداول لكلفة المعيشة، وهل يتم تحديثها لمعرفة الحد الأدنى من الدخل الذي يحقق مستوى المعيشة الكريمة والعدالة الاجتماعية؟ وما نسبة الفئات التي دخلها أقل من هذا الحد؟ وهنا نتكلم عن الدخل وليس الأجور. 

وأخيرا هل نقبل أن يكون بيننا من هو أقل من هذا الدخل؟

تطرق العديد من الكتاب والنواب ووزارة العمل إلى قضية الرعاية الاجتماعية، فمثلا يقول النائب على إسحاقي إننا بحاجة إلى إعادة هيكلة الدعم، وتحدث وزير العمل عن منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية. (الأيام 17 أكتوبر 2020) وقال بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفقر، إن الكلفة بلغت 435 مليون دينار في 2020، وأنها تمثل «حماية متكاملة للمواطنين الأكثر احتياجا أو ذوي دخل غير كاف». 

نقدر للوزارة جهودها ومساهمتها وسبقها، غير أن ذلك لا يوضح ما هو الدخل الكافي الذي يخرجها من تصنيف «الأكثر احتياجا»، وهل بذلك نكون قد حققنا الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية التي تنشدها الوزارة؟

يقول الوزير إن «المستفيدين من البرامج 120 ألف أسرة بواقع 100 دينار لمن يقل دخله عن 300 دينار، و70 دينارا لمن يقل دخله عن 700 دينار، و50 دينارا لمن يقل دخله عن 1000 دينار». بالنسبة إلى دعم المتقاعدين فيستفيد 82 ألفا بواقع 150 دينارا لمن يقل دخله عن 700 دينار، و125 دينارا لمن يزيد دخله على 700 دينار، و75 دينارا لمن تجاوز 1500 دينار». هذه الأعداد كبيرة جدا (120 ألف أسرة و82 ألف متقاعد)، وقد لا تشمل الذين ليس لهم دخل ثابت ولا معاش تقاعدي؟ أي أننا مازلنا لم نحقق ونضمن الحياة الكريمة وهو الهدف الذي تنشده الوزارة. فمن لا دخل ثابتا له أو يقل دخله عن 200 دينار أو حتى 300 لن تحقق له برامج الدعم المختلفة المستوى المنشود من الحياة الكريمة. ومن ناحية أخرى، فإن تسميتها تجعل المستفيد في وضع نفسي يشعر بأنه يتسلم مساعدة وليس حقا من حقوقه.

نستخلص من هذا التصنيف، أولا أن الوزارة ترى أن أقل دخل ممكن هو 400 دينار (300 راتب و100 دعم)، فهل هذا هو تقدير الوزارة لأدنى دخل، وعلى أي أساس تم وضعه، وحبذا لو تنشر الدراسة التي قررت هذا الحد؟ وإذا كان كذلك، فلماذا لا يحدد هذا الدخل كحد أدنى وكل من دونه وهو معيل لأسرة يستحق دعما يوصله إلى هذا الحد بمن فيه من ليس له دخل ثابت؟ وهل يتأثر الدعم بعدد أفراد الأسرة التي يعيلها؟ وهل ينطبق على المتقاعدين الذين يقل دخلهم عن الحد الأدنى؟ يبقى السؤال ما هو الحد الأدنى المعقول والمقبول في الوضع المعيشي اليوم؟ اقترح مجلس النواب 500 دينار، لكن لا بد من دراسة تحدد ذلك. 

وهل سيتم الاستغناء عن جميع أنواع الدعم المتعددة التي تشتت المبالغ ولا تحقق الهدف؟ يستثنى من ذلك دعم الإسكان والإعاقة فهذه حالات خاصة. يعرض الآن على المجلس النيابي مشروع بقانون بشأن الدعم الحكومي وهذه فرصة لدراسة الدعم ومستوى المعيشة المقبول وتوحيد الدعم وتعديل قيمته ليواكب التطورات في أسلوب الحياة والاحتياجات الكثيرة التي أصبحت ضروريات. أما كيف سيمول هذا المشروع، فإذا تعذر رفع نسبة الميزانية من إيرادات الدولة فإن الخيار الأفضل هو الضرائب التصاعدية على الثروات والدخول المرتفعة والشركات، وخصوصا الأراضي والعقارات بشكل عام.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *