نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ورشة دعم الكهرباء ومستقبل الاستثمار في إنتاج الكهرباء

 – بقلم: د. محمد عيسى الكويتي –

 الأربعاء ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٠

مقال الاسبوع – تمثل الكهرباء نسبة كبيرة من دخل الكثيرون من المواطنين وبالتالي يحتاج المواطن الى الدعم والى تقليل الكلفة. الخصخصة التي اتبعتها الحكومة ادت الى حرمان البحريني من الكثير من فرص العمل رفعت الكلفة الاجتماعية والاقتصادية . التوجه نحو الطاقة الشمسية توجه سليم ويحتاج الى دعم مادي من الحكومة لتركيب الواح في المنازل وهذا ما نتمنى من هيئة الطاقة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1232314

نظمت الجمعيات السياسية ورشة عمل بعنوان «قطاع الكهرباء… اين الخلل؟» (أخبار الخليج 27 ديسمبر 2020) وكان لي شرف المشاركة مع المهندس عبدالله حويحي والنائب فلاح هاشم. تطرقت الورشة إلى بداية انشاء خدمات الكهرباء في البحرين وتطورها إلى ان اصبح اليوم هناك ربط بين دول الخليج ويخطط في المستقبل لتوسيع هذا الربط ليشمل شمال إفريقيا وأوروبا. كما تطرقت إلى قضايا اخرى تتعلق بخصخصة انتاج الكهرباء ومدى جدواه، وقضية الطاقة النظيفة وامكانية الاستثمار فيها، ومقدار الدعم المقدم للمواطنين وسبل تطويره. سوف نتحدث في هذا المقال عن خصخصة الانتاج وفي مقال اخر نتحدث عن قضية الدعم الحكومي. 

اولا لا بد من الاشادة بجودة الخدمة الكهربائية المقدمة ومستوى الاعتمادية التي وصلت اليها وكفاءة التعامل مع الاعطال. اتخذت الحكومة قرارا للخصخصة في العقد الماضي. بالنسبة للكهرباء كان السبب هو حجم الاستثمار المطلوب لإنشاء محطات الكهرباء (1.5 بليون دولار للمحطة). تعاقدت الحكومة مع شركات اجنبية لبناء محطات الانتاج ودخلت هيئة التأمينات الاجتماعية ضمن المستثمرين (بنسبة 10 إلى 12%). بالإضافة إلى خصخصة الكهرباء قامت الحكومة في نفس الفترة بخصخصة الجمارك. ونتيجة لهذا التوجه اعطي الموظفون البحرينيون خيار التقاعد وكانت الكلفة الاكتوارية باهظة على هيئة التأمينات. نتيجة الخصخصة تم الاستغناء عن نسبة كبيرة من العمالة الفنية والادارية البحرينية واستبدلتها بعمالة اجنبية ونزلت نسب البحرنة في هذه الشركات من اكثر من 90% إلى حدود 10%. اي مثلت الخصخصة كلفة اقتصادية واجتماعية كبيرة تحملها المجتمع. 

الخصخصة هي آيديولوجية غربية ضمن الليبرالية الجديدة التي روج لها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تنادي بتخلي الحكومات عن التدخل في الاقتصاد واقتصار عملها على وظيفة «الحارس الليلي» وفرضتها على الدول النامية بعد ان بنت نهضتها مستعينة بجهد الحكومات. تزعم هذا التوجه في الثمانينات رئيسة وزراء بريطانيا مارغرت ثاتشر ورئيس أمريكا ريجان. يتلخص هذا الدور في وضع انظمة وقواعد للسوق وتركه يعمل في حرية تامة. الفرضية هنا هي ان السوق اقدر واكثر كفاءة من الحكومات «القطاع العام» في انتاج الخدمات والسلع. مع ان هذه الفرضية صحيحة إلى حد كبير ولكن لا يمكن اطلاقها وتعميمها. فقد اثبت السوق فشله في كثير من الحالات والظروف، وما الازمات الاقتصادية المتتالية الا نتاج اخفاقات السوق واخرها الازمة المالية 2008. الامر الاخر هو ان السوق جيد في ادارة المعاملات الانتاجية والتبادل وتخصيص الموارد، لكن في التحولات الاقتصادية السوق ليس الأداة الأمثل. أمريكا نفسها تحولت إلى الاقتصاد الصناعي بفعل الدولة وسياستها وخصوصا بعد الكساد الكبير. وتحولت مرة اخرى إلى اقتصاد المعرفة بجهد حكومي في الابحاث الاساسية التي رسمت الطريق لثورة تكنولوجية. الدول الاسيوية من اليابان وكوريا وسنغافورة حققت التحول بجهد حكومي وسياسات وتمويل مباشر. هذه التحولات قامت على تعاون وثيق بين القطاع العام والخاص ضمن استراتيجية وضعتها الحكومات.

ان أهم سلبيات الخصخصة هو خسارة فرص العمل التي تتيحها هذه الخدمات للبحرينيين وامكانات التدريب والتأهيل. وبالتالي فإن الخسارة كبيرة اجتماعيا واقتصاديا وقد تكون اكبر من حجم الاستثمارات الاجنبية. بالإضافة إلى ذلك فإن الميزانية مازالت تتحمل الكلفة الادارية السنوية لوزارة الكهرباء (232 ألف دينار) وهيئة الكهرباء (1.6 مليون دينار). واذا اضفنا إلى ذلك عدم وجود بيئة تنافسية فإن الكلفة التي ندفعها للشركات هي كلفة تعاقدية طويلة المدى لا تخضع لمنافسة السوق، وليس من المعروف كم تدفع الحكومة للشركة ولا حجم الفواتير المحصلة والتي لا تدخل في الميزانية، النتيجة اننا لا نعرف ان كانت الخصخصة رفعت من كفاءة الانتاج أو ان كان البحريني استفاد من رفع الكفاءة ان وجدت.

من المؤشرات الايجابية هو وجود توجه نحو تحويل انتاج الكهرباء إلى الطاقة الشمسية ضمن خطة طويلة المدى. وقد بدأت بوادر هذا التوجه في المدارس فقد أعلن قبل فترة قصيرة عن تركيب الواح شمسية في ثماني مدارس حكومية توفر 30% من الحاجة الاستهلاكية. كذلك بادرت الحكومة بتشجيع البنوك لمنح قروض للمواطنين لتمويل وضع الواح شمسية على مساكنهم وبناياتهم. نحتاج إلى توسع في هذا الاتجاه بحيث تكون القروض متاحة بشكل اكبر وبتسهيلات في متناول مختلف طبقات المجتمع. 

في تصريح لرئيس هيئة الطاقة المستدامة عبدالحسين ميرزا (27 نوفمبر 2020) ان «البحرين قطعت شوطا كبيرا في انتاج الطاقة البديلة، وان هناك خططا لإنشاء محطات انتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الامواج البحرية، وتحويل المخلفات إلى طاقة»، نقدر للهيئة نشاطها في هذا المجال ونؤكد اهمية التوجه نحو الانتاج الفعلي وتخصيص الموارد والاستثمارات لهذه الغاية بسرعة اكبر من التي أعلن عنها وهي عشر سنوات لتوفير 10%. ينبغي توضيح ما هي العوائق التي تقف في وجه الاسراع، وان كانت مادية فليس اقدر على ذلك من الصناديق السيادية البحرينية وهيئة التأمينات وصندوق الأجيال القادمة. وبما ان تصنيع الالواح قد بدأ في البحرين منذ 2017 ويجري الان انشاء مصنع اخر. اصبح من الضروري التنسيق مع الجامعات المحلية لإيلاء ابحاث الطاقة المتجددة (بتمويل حكومي سخي) اهتماما اكبر لتحقيق كفاءة اكثر في الانتاج واخذ موقع ريادي في هذه الصناعة. اما جذب الشركات الاجنبية للاستثمار في الانتاج فيجب أن يتم بحذر لكي يستفاد من نقل التكنولوجيا وان يتم بناء قدرة علمية وتقنية على استيعاب المعرفة التكولوجية. اي اننا نحتاج إلى اتخاذ قرار مبني على دراسة للمضي بخطة وطنية معرفية وبحثية وتكنولوجيا للدفع بعلوم الطاقة بالتعاون مع الإمارات والسعودية. 

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *