نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

وزارة العمل وفرص عمل الشباب 

  تاريخ النشر :١٩ أغسطس ٢٠١٥ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع-وزير العمل: لماذا التستر على البطالة بين الشباب؟ ومن المسؤول عن خلق فرص عمل وتنمية الاقتصاد ووضع السياسات التنموية وتنفيذها، قطعا ليست وزارة العمل؟ 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13662/article/38086.html

 «البطالة آفة المجتمعات وأخطر ما قد يصيبها، فعندما يعمل الجميع على مكافحة البطالة ودمج الشباب في عملية الإنتاج والتنمية يتحقق الأمن والاستقرار في كل مجتمع»، هكذا يقول وزير العمل في مقابلة في الصحافة المحلية في بداية أغسطس الجاري. مقولة وزير العمل تختصر الكثير مما يطالب به المجتمع البحريني. فرص عمل مجزية للشباب والشابات لتمكينهم من بناء حياة كريمة مستقرة والمساهمة في تنمية البلاد. فهل الاقتصاد البحريني قادر على تحقيق فرص العمل هذه؟

 في مقابلة الأسبوع الماضي يقول وزير العمل: «إن الاقتصاد البحريني وسوق العمل ما زالا قادرين على خلق فرص عمل جاذبة للمواطن الباحث عن العمل»، ويدلل على ذلك أن مؤشر البطالة انخفض في يونيو 2015 إلى 3,1% مقارنة بشهر مارس الماضي حيث كان 3,5% ويستنتج من هذه الأرقام أن سوق العمل قادر على خلق فرص عمل جاذبة للشباب. إلى أي حد يكون هذا الاستنتاج سليما وصحيحا. وهل المجتمع متفق على التعريف المستخدم للبطالة ولماذا لا تنشر أرقام تحدد البطالة بين الشباب؟ ومن ناحية ثانية ما نوع فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد؟ وهل تناسب الشباب وتخصصاتهم وطموحاتهم؟ 

 يواصل الوزير بأن هذه النتائج (3,1%) حصلت للمرة الأولى منذ عام 2008 حين بدأت الوزارة بتتبع مستويات البطالة. السؤال ماذا فعلت الوزارة منذ ذلك الوقت لتحقيق هذه النتائج؟ كما يبدو من حديث الوزير فإن نشاط الوزارة ينحصر في مساعدة الباحثين عن عمل لتعريفهم على الفرص المتوافرة. أما خلق فرص عمل فهو ليس من اختصاص الوزارة كما نعتقد. لذلك نطرح السؤال بشكل أعم ماذا حدث في البحرين لتحقيق هذه النسبة المنخفضة من البطالة؟ وما هي المشاريع التي قامت بها الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق ذلك؟ وهل تم التوظيف في مشاريع جديدة وما نوعها؟ وما هي الرواتب الممنوحة لشاغلي هذه الوظائف؟ معرفة الإجابة عن مثل هذه الأسئلة وغيرها يمنح المجتمع فرصة للتعرف على مسار التنمية والقدرة على تقييم السياسات المتبعة لكن هذه المعلومات غير متوافرة للمجتمع، فكيف له ان يتتبع تطور التنمية؟

 بالنظر إلى توزيع المهن التي يعلنها الوزير فهي مهن «حرفية وإنتاجية وفي النقل والمواصلات» مثل مراقبين ومشرفي عمل ونجارين وكهربائيين، ومنها مهن «كتابية» ثم مهن البيع بالتجزئة في محلات تجارية». ووفق كلام الوزير ستواصل الوزارة في توفير المزيد من فرص العمل الجاذبة للمواطنين وبمتوسط رواتب للجامعيين يصل إلى 420 دينارا. هذه الوظائف المعلنة تناسب فئة من الناس من خريجي التوجيهي أما الشباب الجامعي الذي هو الغالبية من الخريجين فلا تروقه هذه المهن. 

 ويواصل بأن مجموع الذين تم توظيفهم في الربع الثاني من 2015 هم 6706 بمعدل شهري 2235 موظفا تقريبا (أي ما يقارب 27 ألف موظف في السنة)، وفي نفس الوقت يقول إن هناك ما يقارب 3800 مواطن فقط هم عاطلون يستلمون مساعدة ضد التعطل، وحوالي 500 مواطن فقدوا وظائفهم لأسباب خارجة عن إرادتهم. وأن عدد العاطلين حوالي 6000 بين شاب وشابة، منهم 3000 باحث في النظام الجزئي. ومرة أخرى يستنتج الوزير من ذلك ان جهود التوظيف نشطة وفعالة ويدل على «قوة سوق العمل»، و«حيوية الاقتصاد البحريني». هذه الاستنتاجات لا تتوافق مع الصورة في المجتمع عن الاقتصاد وعن البطالة. فكثير من القطاع التجاري ورجال الأعمال لا يشاركون الوزير هذا التفاؤل كما لا يشاركه في ذلك آلاف العائلات التي تبحث عن عمل لأبنائها سنوات بعد تخرجهم. وهناك حالات تصل البطالة فيها في العائلة الواحدة إلى أكثر من اثنين أو ثلاثة. هذه المشاهدات تثير تساؤلات حول سلامة أرقام وزارة العمل.

 المشكلة في سوق العمل كما نستشفها من حديث الوزير هي ليست في الشباب، حيث يقول: «متى ما توافرت الظروف الجاذبة والأجر العادل وبيئة العمل الصحية نجد الشباب والشابات يعملون بكفاءة». ويرى الوزير أن الحاجز النفسي بين الشباب وبين نوعية وطبيعة العمل يكاد يسقط. وأن الشباب الذي يتركون أعمالهم بعد فترة وجيزة من التحاقهم بها، يفعلون ذلك إما لأن الفرصة غير مناسبة ولا ترضي طموح الشباب، وإما أن الرواتب غير مجزية، وإما أن بيئة العمل غير مناسبة. نحن سنكون أقسى من سعادة الوزير ونقول إن هناك نسبة من النوع غير الملتزم. 

 بالرغم من أن الوزير يقول في مقابلته: «إن مهمتنا الأولى توفير الوظائف والتدريب لأبناء البلاد»، فإن وزارة العمل ليست الجهة المسؤولة عن توفير فرص عمل، هذه مهمة الحكومة بشكل عام وخطتها الاقتصادية وبرنامج عمل الحكومة يشير إلى ضرورة توفير فرص عمل من خلال تنويع الاقتصاد المحلي في المحور الاقتصادي.

 بشكل عام نرى أن هذه الأرقام مربكة ولا تعطي صورة واضحة عن الوضع. فمثلا يقول الوزير إن البطالة آفة اجتماعية. ثم يقول إن العاطلين فقط 6000 عاطل، والوزارة توظف معدل 2300 شخص في الشهر، هذا يعني أنه في السنة توظف 27 ألف شخص. فأين المشكلة إذن؟ 

 سعادة الوزير، السؤال ما زال مطروحاً: من المسؤول عن خلق فرص عمل وتنمية الاقتصاد ووضع السياسات التنموية وتنفيذها. ومَن المُساءَل في المجلس النيابي عن التقصير في التنفيذ؟ وما زلنا في انتظار الإفصاح عن معلومات البطالة بشكل أكثر تفصيلا وشفافية. وفي ضوء ما يحدث في المنطقة من توترات سياسية وما يتعرض له النفط من تقلبات في الأسعار تصبح الإجابة عن هذا السؤال جوهرية ومهمة وركيزة للأمن الوطني والقومي. 

 mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *