نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الميثاق الوطني … ماذا تحقق من اهدافه؟

تاريخ النشر : 7 مارس  2008

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

احتفلت البحرين بمرور سبع سنوات على انطلاقة الميثاق الوطني وكتب الكثير عن انجازاتنا الوطنية. وفي اعتقادي بان اهم الانجازات هي ان الميثاق جمع البحرينيين على كلمة واكد على الثوابت الوطنية وكان بمثابة البيعة للحاكم والاقرار بشرعية الحكم، كما اكد ان هناك نظام حكم متفق عليه وهناك حكومة قد يختلف الشعب على كيفية صياغتها وتركيبتها واسلوب تعيينها. وهذا التمييز مهم جدا حيث ان عدم موافقة الحكومة على سياساتها وانتقاد برامجها لا يعني رفض نظام الحكم وبالتالي فان المطالبة بتداول السلطة لا يعتبر رفض لثوابت الميثاق. اي ان الميثاق استطاع ان يفصل مفهوم الولاء للوطن عن الولاء للحومة ومنها كانت فكرة تداول السلطة مع ثبات الحكم. الميثاق شكل انعطافا هاما في تاريخنا، فبالاضافة الى كونه وسيلة للخروج من ازمة التسعينات فانه عمد على خلق مجتمع مختلف وحدد مواصفات هذا المجتمع الذي اتفق عليه البحرينيون، وبذا اصبح الميثاق الوطني مرجعا لمسيرتنا الوطنية يكرس ويؤطر لمبادئ مجتمعية قائمة على القيم الاسلامية والانسانية المتراكمة عبر التاريخ. فالى اي مدى نجحنا في تكوين هذا المجتمع؟

ان نجاح المجتمع في خلق مستقبله يعتمد على امكانية تقييم مدى ما تحقق من اهداف معلنة او كامنة. والميثاق بدأ بوضع رؤية لمستقبل المجتمع البحريني باهداف وطنية كما حددها جلالة الملك وتتلخص في التالي: اولا المحافظة على الوحدة الوطنية، ثانيا تحقيق التنمية المستدامة الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، ثالثا ان يكون العدل اساس الحكم، رابعا المساواة وسيادة القانون والحرية والامن والطمأنينة. خامسا التضامن الاجتماعي، سادسا تكافؤ الفرص بين المواطنين، سابعا التراحم والتواصل. هذه هي مواصفات المجتمع الذي حدده جلالة الملك وارتضاه الشعب. 

لا احد يتوقع امكانية تحقيق مثل هذه الاهداف الكبيرة والمصيرية في فترة قصيرة من عمر الديموقراطية التي اسس لها الميثاق واطرها الدستور. ولكن لنا ان نتساءل كم حققنا من هذه الاهداف خلال هذه الفترة القصيرة من الحياة البرلمانية؟ وهل ما تحقق يلبى الطموح؟ وهل توجد البرامج والمشاريع المناسبة والتشريعات اللازمة لاكمال المسيرة؟ وما هي المعوقات ان وجدت؟ 

من أهم هذه الاهداف هو ما يتعلق بالمحافظة على الوحدة الوطنية. فجميع الاهداف التي تتبع تحتاج الى هذه الخاصية المجتمعية لكي يكتب لها النجاح، اي انها احد اهم المعوقات لتحقيق باقي الاهداف. يضع ذلك مسئولية كبيرة على الجميع ابتداء من مؤسسة الحكم مرورا بالحكومة والبرلمان والجمعيات السياسية والمدنية ورجال الدين والصحافة والفرد البحريني. وعلى الجميع ان يسأل نفسه اولا- قبل ان يطالب الاخرين- ماذا فعل هو ليجعل هذا المطلب الوطني واقع؟ 

ان تحقيق اي هدف يحتاج الى برنامج عمل منظم ولن يتحقق شيئ بالتمني او التظاهر بعدم وجود المشكلة. لذا فان المسئولية تقتضي اتخاذ الخطوة الاولى وبدأ حوار وطني بمبادرة ملكية حول كيفية تحقيق هذا الحلم لتفادي المزيد من الاحتقان. وبعد ان اثبت البحرينيون وطنيتهم وولائهم الذي تجلى في جميع مناطق البحرين اثناء الزيارات التي قام بها جلالة الملك في اول ايام صدور الميثاق، علينا ان لا نخشى نتائج هذا الحوار الهادف الصريح ومناقشة القضايا التي يراها الكثيرون بانها مركزية لبناء مجتمع متجانس يعمل من اجل المصلحة الوطنية. وان يشمل الحوار القضايا التي كثيرا ما تتردد في الصحافة وعلى لسان الجمعيات السياسية والمجالس الخاصة والعامة مثل توزيع الثروة والاراضي والعدالة الاجتماعية وتداول السلطة والتوظيف ومحاربة الفساد وغيرها. وان تمكن هذا الحوار من تحديد جذور المشكلة، واستطعنا ان نجمع الشجاعة لتطبيق ما ينتج من حلول، فمن شان ذلك ان يعزز الثقة بين الاطراف كما فعلت مجتمعات اخرى مثل المغرب، وان يسحب البساط من تحت اقدام المتطرفين والمستفيدين من الوضع الحالي. 

اما الخطوة الثانية في برنامج المحافظة على الوحدة الوطنية فانها تختص بالبرلمان وتركيبته السياسية. فبالرغم من الانجازات التي تحققت الا انه بتركيبته الحالية قد يساهم في تهديد الوحدة الوطنية بدلا من المحافظة عليها. ان التصادمات التي رأيناها في الاسبوع الماضي، وقد لا تكون الاخيرة، ماهي الا نتيجة حتمية لتركيبة البرلمان. فهي بالاضافة الى كونها خلافات سياسية فهي كذلك خلافات دينية تاريخية مما يعقد المشهد السياسي ويطرح تساؤلات، اولا: حول قدرة التيارات الدينية على قيادة الحياة السياسية والتشريعية؟ وثانيا: ما دور مؤسسة الحكم والحكومة في تفادي مثل هذه المصادمات؟ وثالثا: هل من الاجدر ان تدعم مؤسسة الحكم والحكومة والمواطنين التيارات الليبرالية والقومية التي هي في الغالب اقل تأثرا بالنزاعات المذهبية لخلق نوع من التوازن داخل المجلس؟ ومتي ما تحقق ذلك يمكن ان يتجه الجميع الى تقوية العمل البرلماني بتعديل اللائحة الداخلية وبعض بنود الدستور وتعديل قانون البلديات واصدار تشريعات مثل قانون المعلومات وقانون الاحزاب السياسية.

اما الهدف التالي في الاهمية من اهداف الميثاق فهو تحقيق التنمية المستدامة الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. وفي هذا الصدد فقد حققت البحرين الكثير من النجاح في جوانب اقتصادية معينة ولم تتوفق في جوانب اخرى بالرغم من العائدات النفطية وهذا حديث اخر. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *