نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

4- تفاؤل بالمبادرة ودعوة لحوار مستدام

 تاريخ النشر :٢٢ يناير ٢٠١٤ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال الأسبوع- الحوار خيار استراتيجي للجميع ومن يرفض الحوار هو اما مستفيد من الازمة واستمرارها او تم تخويفه من قبل المستفيدين.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13088/article/3405.html

استبشرت البحرين خيرا بالمبادرة الملكية لفتح الحوار واحياء الأمل في انهاءالازمة السياسية التي طال امدها واثرت على النفوس والاقتصاد والمصالحالمختلفة. كان للقاء سمو ولي العهد وقعا تفاؤليا واجتهد الكثيرون في قراءةالمشهد ووضع التصورات حول طبيعة ونوعية الحلول التي سوف تتمخض عنالحوار. ما يدعو إلى التفاؤل هو رفع مستوى التمثيل لجميع الأطراف وطرحالقضايا الخلافية في بداية اللقاءات والتي تعلقت بالسلطة التشريعية والسلطةالقضائية،والسلطة التنفيذية، والدوائر الانتخابية، والامن للجميع دون استبعادقضايا أخرى يرى أي طرف اهميتها. كما انه وضع هدفا أسمى نسعى إلىتعزيزه من خلال الحوار وهو تكريس دولة المؤسسات والقانون والحق والعدالةالاجتماعية. كذلك نثمن الدعوة إلى «استنهاض الجهود والنوايا الحسنة نحوكل ما يلم شمل المجتمع البحريني ويصون وحدته، وان يحافظ على تنوعهوتعدديته». 

تحقيق الدعوتين، دعوة الحوار للحل السياسي ودعوة الحل المجتمعي، يتطلبانمسارات متعددة تساند الحوار الرئيسي. بالنسبة للحل السياسي فقد أصدرالديوان الملكي بيانا يوضح فيه انه سيقوم بتنظيم لقاءات ثنائية بين الأطرافلضمان تقديم الرؤية السليمة» من خلال تشكيل لجنة لتقريب وجهات النظر. ولتهيئة الأجواء الاجتماعية قامت القيادة مشكورة بإطلاق حملة «اللحمةالوطنية» قبل هذه المبادرة لمواجهة خطر الانشطار في المجتمع كونه أخطر ماتواجهه البحرين اليوم. ان تهيئة الأجواء التي يطالب بها سمو ولي العهد هيمسؤولية جماعية ويتوجب على الجميع المساهمة فيها بوقف الحملات الإعلاميةوالتخريب والعنف وجميع اشكال الاحتراب الخطابي من أي منبر كان. ان ردودالأفعال الأولية على المبادرة هي مصدر تفاؤل للجميع ونأمل ان تكون دافعالحوار فعال يعالج قضايا المجتمع وخصوصا تلك التي تؤثر في العدالةالاجتماعية وتدفع باتجاه محاربة الفساد. 

لا يخلو الامر من ان هناك من يرفض فكرة الحوار على أساس انه تمت تجربتهوفشل في كل مرة بسبب تعنت المعارضة وينادي برفع وتيرة الحل الأمنيوالاعلامي. وقد ظهر ذلك من بعض خطباء الجمعة لكن هذه الفئة لم تقدم حلابديلا يعالج قضايا المجتمع ويضمن استقراره وتطوره بمشاركة فعلية من أبنائهولمصلحة الجميع. كما لا يخلو الامر من تأثر البحرين بما يجري في المحيطالإقليمي والمصالح الدولية والتخوف المصاحب لها. لكن في نهاية المطافالغالبية من الشعب البحريني والتي تريد للبحرين الخروج من الازمة تساندمبادرة ولي العهد كونه له رؤية للحل وإدراك لما يتطلبه ذلك من مصالحة وطنيةتمهيدا لتطوير تجربتنا الديمقراطية، وهذا ما يبعث على التفاؤل.  

بالرغم من التفاؤل بالحوار بقيادة سمو ولي العهد تدور تساؤلات حول مدىقدرة الفرقاء على التفكير الموضوعي والموجه نحو معالجة القضايا الأساسيةالتي تهم المواطن والمجتمع وتؤثر في حياته دون اعتبارات للمكاسب الطائفية اوالحزبية. فهل يمكن للفرقاء ان يتحرروا من عقدهم ومخاوفهم وشكوكهم التيتكرست على مدى الثلاث سنوات الماضية والتي بدأت تظهر في بعضالتصريحات. هذا التحدي سيكون قائما وسيكون الحاضر الغائب في جميعالحوارات. من الصعب على المتحاورين تخطي حاجز الخوف والشك والريبةالتي تكرست على مدى ثلاث سنوات وسيكون العلاج في المجتمع طويلا وصعباويتطلب تضحيات من الجميع للوصول إلى وضع شبيه بما كنا عليه. كيفستنعكس هذه المخاوف والشكوك على موضوعية المتحاورين ونجاعة الحلولالسياسية القادرة على معالجة قضايا المجتمع؟ هل سينتج الحل عن برلمانقوي؟ ام ان الشكوك والمخاوف والتدخلات سوف تضع تحديدات على البرلمانتفقده القدرة على التعامل مع المساءلة والمحاسبة وسن القوانين التي تعززالشفافية؟ هل سيتمكن المتحاورون من إيجاد صيغة لمجلس تشريعي يمكنهتمرير قوانين تدفع العملية الديمقراطية للأمام مثل قانون مكافحة الفسادوقانون حق الحصول على المعلومات لتعزيز الشفافية وقانون صحافة يسمحبطرح جميع القضايا الوطنية المالية والسياسية؟ 

هذا يدعونا إلى طرح التساؤل حول إمكانية ايجاد آلية مستدامة ومستمرةلتطوير العملية الديمقراطية، تضع في الاعتبار ان الديمقراطية مسيرة تحتاجإلى مراجعة قبل كل دورة انتخابية، واستعداد للتعلم من الأخطاء وسد الثغراتالتي يدخل منها الفساد والتسلط ويتسلل منها سوء الأداء الاقتصادي ويتعمقبها الإحباط في المجتمع وتقود إلى حالة من عدم الاستقرار؟ البحرين لا تتحملهزات كل أربع او خمس سنوات لذلك لا بد من ايجاد آلية تساعد المؤسساتالديمقراطية في تجنب الصراعات والاستفادة من التجارب لتقويم مسيرتناالديمقراطية. هذه الالية قد تكون حوار يقوده سمو ولي العهد قبل كل فترةانتخابية لمراجعة التجربة وتصحيح الاخطاء وتراكم الإنجاز. 

بالإضافة إلى ذلك نحتاج إلى حوار ثقافي فكري يؤسس لمجتمع متسامحيرفض التعصب الديني والسياسي والاثني والقبلي، مجتمع يقبل الفكر الآخروالعقائد الأخرى وطرق التعبد المختلفة، وان نقر بان الحقيقة لا يملكها أحدبالكامل، وهي نسبية ولكل الحق في اعتبار ما يراه على انه حقيقة، وان لايصطدم مع أحد من اجل اقناعه بانه فقط على حق. أي باختصار نواجه كل مايكرس ويؤجج الطائفية والقبلية والمناطقية، وان نعمل على إشاعة روح القبولبالآخر المختلف عنا، تجمعنا المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص. 

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *