مقال الاسبوع – كثرت اللقاءات والاجتماعات والتصريحات حول الاستراتيجية الصناعية. اهمية الصناعة للتنمية وخلق فرص عمل كبيرة والاهم التكامل الخليجي في هذا المجال. فما هي الرؤية فهل نحن جادون في ذلك ولن نعطي اولوية للخلافات البينية تهيمن على القرار الاقتصادي؟ وما هي المتغيرات الثقافية والسياسية التي ستجعل ذلك ممكنا؟
http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1277348
اسئلة حول استراتيجية التصنيع الخليجية
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
الأربعاء ٠٨ ديسمبر ٢٠٢١
في اكتوبر الماضي استقبل جلالة الملك وزير الصناعة والتكنولوجيا الاماراتي في تعبير عن اهمية الصناعة لاقتصادنا وللتنمية وفرص العمل بشكل عام. وفي نفس الشهر كان اللقاء التشاوري بين وزراء الصناعة الخليجيين في البحرين. شارك في اللقاء اتحاد غرف التجارة ولقاء مع رواد الاعمال، واللجنة الوزارية “لجنة التعاون الصناعي”، ليكون ذلك حافزا لزيادة التكامل الخليجي. كما اقيم في 22 من الشهر الجاري مؤتمر الصناعة والتصنيع العالمي في تعبير واضح عن ادراك لاهمية الصناعة لمستقبل دول الخليج. يطرح هذا النشاط اسئلة حول ما هي نتائج هذه التحركات واللقاءات والمؤتمرات؟
الامل الذي برز ان تسفر هذه اللقاءات عن مرحلة جديدة تبدأ بتوقيع اتفاقيات التجارة الحرّة كمنظومة اقتصادية واحدة متحدة تعمل على تعزيز التجارة مع دول اخرى مثل المملكة المتحدة وليس كدول خليجية منفصلة. كذلك يتطلع المجتمع الخليجي ان تقوم مشروعات مشتركة تستغل القدرات والامكانيات والعلاقات الخليجية مع العالم ومع الوطن العربي بشكل خاص. فما هي الرؤية وماهي الخطوات التي تم اتخاذها في مجال التطوير الصناعي والخطوات القادمة لتنفيذ التكامل الذي طالما تطلعت له الشعوب الخليجية؟
ضمن الرؤية الخليجية يقول الوزير (البحرين) ان هناك تعافي وانتعاش اقتصادي تعبر عنه المؤشرات الاقتصادية (ارتفاع اسعار النفط). واعلن ان الاجتماع وضع اولا تصور خليجي لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ ثانيا وضع استراتيجية جديدة للتصنيع؛ ثالثا بحث موارد اخرى غير النفط بالاضافة الى تصنيع المواد الاولية محليا وتصديرها كمنتجات بدل من تصديرها كمواد خام؛ رابعا اقامة منطقة حرة مع بريطانيا لتسريع التجارة؛ خامسا تامين الامن الغذائي كاولوية ودعم القطاع الخاص في قطاع الاغذية لتقليل استيراد الغذاء الذي بلغ 90% من احتياجاتنا بتكلفة 52 مليار دولار سنويا ينمو بنسبة 2.5%؛ سادسا تطوير القطاع الزراع والثروة الحيوانية والاسماك. وفي كل من هذه المبادرات يكون العمل على مستوى كيان خليجي متكامل. بالاضافة الى توصيات الاجتماعات السابقة والتي يامل المجتمعون ان تترجم الى واقع ملموس. كذلك تم بحث الثورة الصناعية الرابعة؟ واهمية حماية المنتجات الوطنية ودور الصناعات الخليجية في اقتصاديات المنطقة. هذا يشير الى تفاؤل بمستقبل افضل والمجتمع الخليجي يتطلع لمعرفة المتغيرات التي ستجعل ذلك ممكنا؟
تنفيذ الاستراتيجية الصناعية او اي استراتيجية ليست بالامر التلقائي يحدث بمجرد وضع استراتيجية وقوانين داعمة. فقد حدث مثلا في الكويت ان وضعت استراتيجية منذ ثلاث عقود وقانون (رقم 6) للنهوض بالصناعة منذ عام 1965 وقدمت تسهيلات وحوافز ومع ذلك مازال النشاط الصناعي صغير لا يزيد على 4% من الناتج المحلي. هذا يشير الى ان التنمية الصناعية في الخليج تواجه اشكالية هيمنة قطاع النفط. ومن جهة ثانية صعوبة تنفيذ الاستراتيجية مالم تكن هناك جهة مسئولة بشكل مباشر عن التنمية الصناعية تدير العملية على مستوى الخليجي كما فعلت كوريا وتايوان واليابان. هذا يتطلب رؤية واضحة لدور قطاع الصناعة في تنويع القاعدة الانتاجية. فماهو التصور الخليجي؟
ناقشت اللجنة الصناعية (الاجتماع 48) التوصيات السابقة وما يتعلق بالثورة الصناعية الرابعة وتعزيز دور القطاع الصناعي في اقتصاديات المنطقة، وكذلك ناقشت المقترحات المقدمة من المملكة العربية السعودية حول حماية المنتجات الوطنية وتكامل القطاع الصناعي الخليجي. واعتبر المدير العام للهيئة العامة للصناعة بالكويت أنه يجب مراجعة الاستراتيجية الصناعية الخليجية للاستعداد لمواجهة أي طارئ مستقبلا. وقد تمت المراجعة وتحديث الاستراتيجية لتشمل قطاعات حديثة مثل التكنولوجيا، فما هي نتائج هذه المراجعة ومتى يبدأ التطبيق، وهل سيكون التطبيق متسقا مع الطموحات؟
فمثلا على اثر جائحة كورونا اتخذ الوزراء قرار التكامل في الصناعات الدوائية والزراعية والمواد الغذائية وانشاء مصانع مشتركة،. ويرى الوزراء انفسهم ان الاستثمار في الصناعات مازال بطيئا بالرغم من الوفرة المالية والموارد الاولية والقوى البشرية المتعلمة، والقوة الشرائية المتحفزة. كما يرى الوزراء ضرورة تكثيف الجهود لجعل الاستراتيجيات واقعا. فماهو المطلوب لتحقيق هذا الواقع؟ خصوصا ان الهدف “الوصول بالمساهمة الصناعية الى 25% من الناتج المحلي، وان يبلغ حجم القطاع 1.5 تريليون دولار بحلول 2025”. هدف طموح، ونحن على اعتاب 2022 مازلنا نتحدث عن ضرورة تشجيع الصناعة وخاصة التحويلية.
على مستوى البحرين برزت من هذه اللقاءات استراتيجية صناعية ترتكز على خمس اولويات رئيسية تمثلت في 1) تعزيز دور القطاع الخاص من خلال زيادة مشاركة هذا القطاع في الانشطة الصناعية؛ زيادة مشاركة القطاع الخاص في عملية صنع القرار؛ خلق آلية قانونية ومالية، توفير بيئة مناسبة للمستثمرين. 2) دعم القطاع الصناعي بمشاريع مثل مشروع منطقة الصناعات التحوليلة للالمنيوم المعلن عنه ضمن حزمة المشاريع الاستراتيجية التنموية الكبرى قرب البا. ستكون مخصصة للصناعات التحويلية للالمنيوم (يذكرنا ذلك بمقترح تقدمت به مجموعة البحرين الصناعية في 2006). 3) مشروع تحديث مصفاة نفط البحرين- بابكوبتكلفة (4.2 مليار دولار) لزيادة الطاقة الانتاجية من 267 الف الى 380 الف برميل يوميا (او زيادة الايرادات بنسبة 42%) بالاضافة الى خلق 2000 فرصة عمل، وينتج مشتقات نفطية صديقة للبيئة. 4) توفير مناطق صناعية تشمل القطاع الصناعي مع تسهيلات استثمارية واعفاء ضريبي وحرية نقل الارباح، 5) تعزيز دور الصناعات التحويلية الاخرى مثل البتروكيماويات، الحديد والصلب، الخدمات الهندسية والصناعات الصغيرة والمتوسطة. لكن لماذا لم تاخذ هذه الصناعات دورها منذ السبعينات؟ ومن هي الجهة المسئولة عن تنفيذ الاستراتيجية الصناعية في المستقبل ومتى يجوز لنا مطالبتها بنتائج؟ الان وقد تقرر العمل كمنظومة خليجية، نامل ان يكون هذا التوجه ناتج عن رؤية مشتركة لا تتاثر بالمتغيرات المحلية والاقليمية.