نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1115156

انتهت انتخابات الغرفة للدورة 29 بفوز ثمانية عشر من بين 75 مرشحا تقدموا للانتخاب. اتسمت هذه الانتخابات بترشح نسبة كبيرة من الشباب ومزيج من ذوي الخبرة والممارسة الطويلة. كما اتسمت بتركيزها على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واعتبارها عمود الاقتصاد، وضرورة استخدام التقنيات الحديثة في التواصل مع التجار وفي توفير المعلومات ونتائج الدراسات والبحوث للأعضاء. لكن العامل الابرز كان التركيز على المشاركة في صنع القرار الاقتصادي مع السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

اليوم ومع التحولات الاقتصادية التي تجتاح المنطقة فإن قضية الشراكة في القرار اصبحت هي الوسيلة لتفادي الصدام بين السلطات وبين الغرفة والدخول في تراجع عن قرارات تضر بالاتزان وتزعزع ثقة التاجر والمواطن وجميع اللاعبين. في تصريح لوزير التجارة والصناعة والسياحة يقول إن الغرفة هي شريك استراتيجي في نمو الاقتصاد الوطني وأن الغرفة هي همزة الوصل بين الشارع التجاري والصناعي وبين الحكومة. السؤال الذي نطرحه هو إلى أي حد ستتمكن هذه الادارة من تحويل الغرفة إلى شريك مؤثر في صنع القرار وأن تكون ممثلا حقيقيا لأعضائها وتحقيق طموحاتهم؟ وما هي الآلية التي سوف تستخدم لتحقيق هذه الشراكة ومدى التأثير الممكن للغرفة في صناعة القرار؟

أهم المشاكل التي وردت على لسان اكثر من مرشح هي ان الغرفة لم تعد تمثل الشارع التجاري. غياب دور الغرفة في صنع القرار الاقتصادي وما يتعلق بالرسوم والضرائب لم تكن الغرفة طرفا فاعلا فيه، لذلك فإن الغرفة تحت القيادة الجديدة امامها تحدٍّ في خلق توازن لإنعاش السوق، توازن بين مصالح التجار والعجز في الميزانية.

أثناء الحملة الانتخابية اتضح ان معظم التصريحات تصب في ان تستعيد الغرفة دورها ومكانتها في قيادة البيئة الاقتصادية، فما هو تعريفها للبيئة الاقتصادية؟ هذا الدور سوف يقع بالدرجة الاولى على كتلة «تجار 2018» كونها فازت بعشرة مقاعد من اصل 18 مقعدا تؤهلها لتنفيذ برنامجها الانتخابي، لذلك سوف نلقي نظرة على هذا البرنامج ونحاول أن نستشف من خلاله هيكلية هذا البرنامج.

نستشف مما هو منشور ان كتلة تجار وضعت برنامجا يبدو متكاملا من حيث الهيكل فهو يحتوى على رسالة واضحة ورؤية ومبادرات استراتيجية وأهداف. رسالة الكتلة خلال الاربع سنوات القادمة هي «ان تتحول غرفة تجارة وصناعة البحرين من مُقدم خدمات إلى منصة تخدم رجال الاعمال بشكل احترافي تنقلهم إلى الإقليمية والدولية». ورؤيتها تتمثل في: «ان تكون الغرفة شريكا فاعلا في اتخاذ القرار الاقتصادي مع الحكومة والسلطة التشريعية والمؤسسات المهنية وممثلا حقيقيا لأعضائها». وهناك ثلاثة أهداف استراتيجية هي دعم الاقتصاد الوطني، وتخفيف الاعباء عن التجار، وفتح افاق جديدة لهم. هذا الانتقال يعتمد خمسة مسارات اهمها وضع التشريعات لمعالجة المعوقات؛ إعادة تأهيل الاسواق ليتناسب مع الانفتاح العلمي والتقني؛ تنويع مصادر الدخل من خلال جذب رؤوس الاموال؛ والعمل على تعزيز مكانة الغرفة وجعل المؤسسات المهنية شريكا استراتيجيا لها؛ وتقييم العمل الداخلي للغرفة. هذه المسارات تغطي بعض الجوانب المهمة غير انها تحتاج إلى اكمال من حيث الموارد المتاحة ومن حيث مقدار التعاون مع الجمعيات المهنية ومداه.

 في جميع المقابلات والإعلانات هناك تركيز كبير على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ونأمل الا يكون ذلك مجرد وعود انتخابية كون هذه الفئة تمثل نسبة كبيرة من الاصوات، وهذه الوعود هي فقط لجذب أصواتهم. النقطة الاخرى التي حظيت بتأكيد كثير من المرشحين هي إعادة هيكلة عمل الغرفة بهدف تنشيط وتفعيل مجتمع الاعمال والقطاع التجاري، وتنشيط عمل اللجان المشتركة، والعمل على غربلة التشريعات والنظام الاساسي وإعادة تفعيل اللوائح الداخلية. وإعطاء نوع من الاستقلالية للغرفة وفك القيود عن عملها بشكل عام.

قد يكون من أهم ما ورد في استراتيجية الكتلة هو تأسيس مركز للدراسات والبحوث لمراقبة أداء السوق التجاري وجميع القطاعات وتوفير نتائج الابحاث للتجار لتساعدهم على اتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة، ومساعدة إدارة الغرفة في دراسة اي قرارات تصدر بشأن الرسوم التي تفرض على مؤسسات القطاع الخاص وتقديم توصيات فيها. ونأمل ان يساهم هذا المركز في خلق نقاش ومداولات حول الوضع الاقتصادي.

إن أهم ما تحتاجه الغرفة اليوم هو الاسراع في سن قانون الحق في الحصول على المعلومات. هذا القانون الذي بقي في أدراج السلطة التشريعية سنوات يحتاج إلى إخراجه إلى حيز الوجود. كون الغرفة تسعى إلى انشاء مركز ابحاث وتطوير في القطاع التجاري والصناعي فإن ذلك سوف يتطلب توافر معلومات موثوقة. في الوقت الحاضر هذه المعلومات غير متوافرة أو غير متاحة للمواطن وللمؤسسات المدنية.

كذلك من الامور المهمة العمل على تعريف المناخ الملائم للاستثمار الاجنبي والمناخ الملائم لتنمية الاقتصاد، وهل نمتلك مثل هذا المناخ وما هي النواقص من إجراءات وتشريعات ومؤسسات. من أهم هذه النواقص أو معوقات التنمية الاقتصادية هو التعليم الفني بالدرجة الاولى والتعليم العام والجامعي. كيف ستتعامل الغرفة مع مثل هذه المعوقات للتنمية الاقتصادية والتي وردت في صلب استراتيجيتها؟

هذه الاستراتيجية مهمة لتوضيح الطريق امام قيادة الغرفة الجديدة لكي تسير وفق خطوات واضحة. لكن إحداث التغيير الذي تراه قيادة الغرفة يحتاج إلى مساعدة كبيرة على المستوى السياسي. وهذا يحتاج إلى عمل منظم بالتنسيق مع الحكومة ومجلس النواب والعمل معه لتقوية المجلس ليكون لها عونا في سن التشريعات التي تقوي القطاع التجاري والتأكيد على مبدأ المنافسة في كل جوانب الحياة الاقتصادية والادارية ومحاربة الفساد والتجاوزات الادارية التي تضر بالسوق. كذلك يحتاج إلى منصة لفتح حوار شامل حول الوضع الاقتصادي وسبل المعالجة.

أمام مجلس الادارة الآن أخذ موقف محدد في قضية الضرائب التي تتناسب والوضع الاقتصادي الحالي وكيف تعالج موضوع العجز والدين العام وتدني التقييم الائتماني. هذا الموقف يأتي في صلب قضية المشاركة في القرار. المشاركة التي تعني بالدرجة الاولى ان يتحمل أعباء العجوزات في الميزانية المقتدرون من المواطنين والطبقة العليا. مطلوب موقف يراعي المواطن المحدود الدخل والتاجر الصغير. هذا يعني ان تتحمل طبقة التجار والميسورين الجزء الاكبر من الضرائب في شكل ضرائب دخل وضرائب ثروة توجه نحو معالجة العجز في الميزانية والدين العام، هذا يعني أيضا رفض الرسوم التي يتحملها صغار التجار ومحدودو الدخل. وختاما فإن الوقت قد حان لأن تضع الدولة ثقتها في الشارع التجاري وفي المواطن ومشاركتهم في القرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *