- اسباب تدني اداء الوزارات الخدمية- الحلقة الاولى
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
تاريخ النشر 13 ابريل 2007
في التحقيق الذي نشر يوم الثلاثاء الموافق 10 ابريل 2007 والذي تناول اداء الوزارات الخدمية خلص الى نتائج تتلخص في التالي:
- 86% من المواطنين غير مقتنعين باداء الوزارات
- 22% يرون ان وزارة الاشغال والاسكان هي اكثر الوزارات تدن في الاداء وانها اكثر الوزارات بيروقراطية
- 19% يرون ان وزارة الكهرباء هي افضل الوزارات تعاملا مع المواطنين
كما عزت الدراسة اسباب تدني الاداء الى الاسباب التالية:
- عدم الشعور بالمسئولية لدى الموظفين بنسبة 46%
- غياب العقوبات الصارمة بنسبة 37%
- التسيب وغياب المحاسبة بنسبة 60%
- المحسوبية والواسطات في تخليص المعاملات بنسبة 72%
- البيروقراطية هي السبب في تدني الاداء بنسبة 24%
- تنقص الموظفين الكياسة وحسن التعامل بنسبة 42%
ووصل التحقيق الى ان الحلول تكمن في :
- 62% يرى الحل في تغيير القيادات والمستويات القيادية الادنى والكوادر الوظيفية
- 28% يرى الحل في تغيير الوزراء.
نتفق مع الكثير مما جاء في هذا التحقيق والتي تعتبر نتائج توضح الظواهر الادارية التي تتسم بها بعض الوزارات وقد تقول بعض الوزارات بان العينة صغيرة وبالتالي فان النتائج غير علمية وغير دقيقة غير ان ذلك لن يغير من الواقع شيئ وهو ان الشعور العام هو عدم الرضا من قبل نسبة كبيرة من المجتمع عن اداء الوزارات. السؤال هو ما هو السبب وما هو الحل؟
يركز التحقيق على الموظف ويعطي الانطباع بان السبب الرئيسي في تدني الاداء هو عدم شعوره بالمسئولية والتجاوزارت التي يقوم بها من حيث المحسوبية والواسطات والكسل وعدم الاهتمام وعدم الخوف من العقاب وغياب المحاسبة. كذلك ينوه التقرير الى وجود سبب اخر لتدني الاداء وهو البيروقراطية. والواقع ان السبب هو مسئولية مشتركة بين الموظف والمسئول والنظام الاداري نفسه. ويتفق الاختصاصيون الاداريون على ان 80% من المشاكل الادارية هي بسبب النظام الاداري بما في ذلك القيادات العليا والوزير، بينما يتحمل الموظف ما يقارب 20% منها. وحتى المشاكل التي يبدوا انها من مسئولية الموظف نجد في التحليل الاخير انها بسبب ضعف اداري في النظام مثل عدم الخوف من العقاب وغياب المحسابة. وتجمع منهجيات الاصلاح على ان الموظف هو اخر حلقة في عملية الاصلاح وليس اولها. وهذا ما تؤيده دراسة قام بها كاتب المقال في عام 2005 ونشرت في كتاب بعنوان “الاصلاح الاداري في البحرين”.
توصلت هذه الدراسة الى ان الاسباب الرئيسية في تدني الاداء في الوزارات التي شاركت في الدراسة يرجع الى عدة اسباب وان ما ذكر عن تدني اداء الموظف ما هو الا احد مظاهر الخلل في النظام الاداري المتبع. فنجد في كثير من الاحيان ان الموظف هو نقطة الاتصال مع المواطن حيث يستلم من المواطن معاملته ويسلمه الجواب او النتائج. وما بين الاستلام والتسليم تغيب المعاملة في الدهاليز الادارية وتمر على مكاتب عدة للتوقيع وتجرى عليها اجراءات لا يراها المواطن، منها ما هو ضروري وكثير غير ضروري. فكيف يمكن تحميل الموظف مسئولية الحاجة الى اكثر من عشرة تواقيع على المعامة قبل تسليمها الى المواطن؟
كذلك تبين الدراسة المذكورة ان النظام الاداري المتبع في الكثير من الوزارات لا يسعى الى تسهيل العمل وتخفيف الاجراءات بل عادة ما يهدف الى ضبط الامور والسيطرة وتقليل الاخطاء وتجنب الشبهات (قدر المستطاع) والمخاطر. كما تضاف ضوابط وخطوات الى العمل كلما تم اكتشاف اخطاء او حدثت تجاوزات. وهذا يضيف للعمل الكثير من الاجراءات والتكلفة والمعاناة للمواطن. هذا من ناحية ومن ناجية اخرى فان استخدام الكمبيوتر يتم باسلوب يحاكي النظام اليدوي (اي استبدال الورق بالجهاز) وبالتالي لا يستفاد من قدرات الحاسوب مما يزيد من العرقلة والتاخير ويضيف من الجهد والوقت والمعاناة والتكلفة على الدولة.
في اكثر من مناسبة تفضل صاحب السمو رئيس الوزراء بالايعاز للوزارات للاسراع في انجاز معاملات المواطنين. هذا الايعاز بالرغم من كونه مهم وضروري لا يكفي لتغيير نظام العمل، والحل في اعتقادي ليس في تغيير الوزير اوالقيادات فقط، فقد تم تغيير الكثير من الوزراء في عدد من الوزارات دون احداث تغيير يذكر في النظام الاداري. لذا يحتاج الامر الى تغيير العقلية الادارية مع احداث تغيير جذري في النظام الاداري وما يتبعه من اصلاح سياسي واجتماعي. فعلى المستوى الاداري فانه من الممكن اعادة تصميم النظام الاداري بناء على مبادئ واسس الادارة الحديثة والاستعانة السليمة بنظم الحاسوب مع التاكيد على أهمية المساءلة على تحقيق نتائج وفق معايير اداء متفق عليها، والمحاسبة على التقصير بما يتضمنه ذلك من منح الصلاحيات المناسبة للقيادات المختلفة. وسوف نتناول في موضوع اخر المبادئ الادارية لاعادة تصميم العمل والمعمول بها في الكثير من الدول لتحقيق مستوى اعلى من الاداء والانجاز.