بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
الأربعاء 21 ديسمبر 2022
مقال الاسبوع – بدأ مجلس النواب عمله للاربع سنوات القادمة يتطلع المجتمع فيها لتنفيذ ماجاء في برنامج الرئيس ونوابه الانتخابية. عليهم جهد كبير في ترجمة هذه البرامج الى نتائج عملية تبدأ باستعادة ثقة الناس في المجلس وتقوية المجلس لصالح ميزان التفاوض مع الحكومة. اعادة الثقة تبدأ بتفصيل تطلعات المجتمع وتعريفها ووضع المعايير لتقييم نتائجها.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1319411
مجلس النواب… توقعات المجتمع ورؤية الرآسة
ننتهز هذه الفرصة لنبارك لجلالة الملك المعظم وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وللمجتمع البحريني خالص التمنيات بالعيد الوطني. افتتح جلالة الملك المعظم مجلس النواب في الاسبوع الماضي (12 ديسمبر 2022) وجاء في الخطاب السامي ما يعبر عن تطلعات المجتمع وما ينتظره من تحسين الوضع الاقتصادي ورفع كفاءة توجيه الدعم والحاجة لزيادته، ورفع مستوى اداء المجلس من خلال تطوير العملية الديمقراطية بعد عشرين سنة من التجربة. حث جلالته على امانة العمل وتحمل المسئولية المشتركة في صنع القرار. ولا يسعنا هنا الا ان نبارك لسعادة رئيس المجلس ونوابه فوزهم بقيادة المجلس ونتمنى لهم التوفيق في تحمل هذه المسئولية والارتقاء بالتجربة الديمقراطية لتواكب المتغيرات المجتمعية وتادية المهمة وفق ما جاء في برامجهم الانتاخبية وما استخلصوه من ايجابيات وسلبيات تجربة برلمان 2014 و 2018 وما ادركوه من قيم ومبادئ من خلال التجربة ومن تطلعات المجتمع التي عبر عنها في كثير من الوسائل والمناسبات.
في هذه العبارات ملخص لما ينتظر النواب من اهمية تطوير آليات الحوار والتقدم بالمسيرة الديمقراطية خطوات تتناسب مع متطلبات المرحلة وتلبي طموحات المجتمع. من الخطوات الوادرة في خطاب جلالته “التعامل مع تعميق الوحدة الوطنية، والسعي لنيل توافق وطني على القضايا المطروحة”. كذلك اكد جلالته، ويوكد المجتمع في كل مناسبة، اهمية المضي في “تحديث وتطوير اداء اجهزة الدولة وانظمتها وخدماتها”. يساعد المجلس في تطوير هذا الاداء من خلال الرقابة والمساءلة. بالتالي من المهم تحديد معناها العملي ومراجعة صلاحيات المساءلة وتطويرها بما يخدم الرغبة الملكية والشعبية.
من الامور المهمة بشكل عام تطوير البيئة الاستثمارية وبيئة العمل والارتقاء بالتعليم والتدريب بشكل خاص واعداد المواطن للاستفادة من الفرص ومنحه افضلة العمل وتقنين المنافسة التي يتعرض لها في سوق العمل. هذا يتطلب تشريع يعيد النظر في السياسات الاسكانية وسياسات سوق العمل وسياست التعافي الاقتصادي، وسياسات التنويع الاقتصادي وسياسات الضمان الاجتماعي والتقاعد بما يحقق هذه التطلعات. كذلك يتطلب مراجعة المعايير في تقييم نتائج هذه السياسات وكيفية تعظيم استفادة المواطن منها، ومردودها على مستوى المعيشة للاسرة البحرينية بما يحفظ كرامتها وبما “يلبي احتياجات المواطنين الأساسية ويوفر لهم حقهم الكامل من الحياة الكريمة” والسلم الاجتماعي. فما هي رؤية قيادة المجلس الجديدة تجاه ذلك؟
في الكلمه التي القاها اكد رئيس المجلس على البناء على ما حققه العمل التشريعي في فصوله السابقة لبلوغ الاهداف الوطنية التنموية وتحقيق تطلعات المواطنين. كما اضاف رئيس مجلس الشورى اهمية رفد التنوع الاقتصادي بما يؤثر ايجابيا على مستوى معيشة الاسرة البحرينية والحياة الكريمة. في نفس الوقت اشار وزير المجلسين باستكمال بناء المنظومة التشرعية الداعمة لنهضة شاملة وتنمية مستدامة هدفها الوطن والمواطن؟ نرى ان هذه العبارات التي تعبر عن تطلعات وتضع المواطن في مركزها انه تحتاج الى تعريف يحدد بالضبط المعاني التي تفضل بها جلالة الملك من الاحتياجات الاساسية و”الحق الكامل في الحياة الكريمة”، كذلك يتطلب الامر من قيادة المجلس وضع تعريف واضح حول ماهي “الاهداف التنموية” وماذا نعني ب “تطلعات المواطنين”، وماهو “الحد الادنى من مستوى المعيشة الملائم للاسرة البحرينية”، وكيف نحقق “الاستقرار الاسري”؟ ماذا يعنى التعاون البناء مع المؤسسات الحكومية واهدافه؟ كل هذه عبارات وردت في برامجهم الانتخابية وتتطلب توضيح والتزام. هذا الوضوح سوف يساعد المجلس والحكومة في وضع مبادئ ومعايير لمعالجة القضايا المطروحة.
ففي برنامج رئيس المجلس الانتخابي تعرض الى إن هـذه الـمـرحـلـة تتطلب “أن تـكـون السلطة الـتـشـريـعـيـة شــريــكــا فــي صـنـاعـة الـقـرار… لتحقيق آمال وتـطـلـعـات الـمـواطـنـيـن” ويضيف “لــديــنــا رؤيــة سياسية واجتماعية واقتصادية من خلال التعاون مع النواب لنكون على قلب رجل واحد”. وعبر في اكثر من مناسبة عن رغبته في تطبيق رؤيته الانتخابية التي ترتكز على “تحسين معيشة المواطن” وتجويدها. وفي افتتاح المقر اضاف ان “البحرين تستحق مجلس نواب برؤية جديدة هدفه الوطن والمواطن، الاستثمار في المواطن الانسان”. ويضيف باننا “بحاجة الى مجلس نواب يقف في صف المواطن”، في اشارة الى تقصير في المجالس السابقة. ووعد معالي الرئيس “بحلول جذرية للارتقاء بالمواطن والدفاع عن حقوقه” من خلال “مجلس نواب مختلف برؤية جديدة لحل المشكلات الاقتصادية والتعليمية والصحية والتوظيف والاسكان”. هذه محصلة كبيرة من القضايا التي وعدت رئاسة المجلس بالتصدي لها ومعالجتها. ونتوقع ان يبدأ الالتزام بتحديد وتعريف واضح لرؤيته لهذه القضايا، وتحديد طبيعة “المشكلات” التي يقصد في خطابه. فمثلا ماذا يعني العيش الكريم، كم هو الدخل الذي يمكن ان نتوافق عليه ليكون حد ادني كدخل مناسب للعائلة البحرينية؟ وكيف سيتحقق؟
واذا نظرنا الى ما وعد به نواب الرئيس الاول والثاني نجد ان برامجهم الانتخابية تتطرق الى مثل ما ذكر الرئيس. فمثلا يشدد سعادة النائب الاول على اهمية “استعادة ثقة المواطن في المجلس”، وتهيئة بيئة داخلية لعمل برلماني فعال يلبي طموحات المواطنين ويعزز الشراكة مع الحكومة”. ويدعو الى تظافر الجهود من اجل “الارتقاء باداء هذه المؤسسة لتكون بحجم التحديات والتطلعات”. وان المناصب القيادية هي المحور في هذه العملية. ويضيف النائب الثاني انه “سيعمل من اجل مجلس نواب قوي” ووضع “قانون للدعم الحكومي”. ويشاطرهم في ذلك تصريحات ووعود باقي النواب التي تكررت فيها الوعد “بتغيير المسار”.
من هذه التصريحات نرى ان قيادة المجلس تعتبر “تطوير التجربة وفاعلية المجلس” قضية اساسية، وتلتزم بحماية “حقوق المواطنين كاملة” وتحقيق طموحاتهم. هذا يقودنا الى تحديات، اولا ماهي الاليات المتاحة للمجلس لتمكنه من احداث التغيير وتحقيق ما وعدت به قيادته، وكيف تنظر قيادة المجلس الى هذه الاليات، وماهي التغيرات المطروحة لتعزيزها ولرفع مستوى المساءلة؟ التحدي الثاني الحاجة الى تعريف وتفصيل تطلعات المواطنين وجودة الحياة الكريمة، ووضع المعايير والمؤشرات التي سوف يعتمدها المجلس ومنح المجتمع وسيلة موضوعية لتقييمه ويستعيد ثقة المجتمع في المجلس وفي المسيرة الديمقراطية؟