نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. قمة الصخير والتحديات الاقتصادية 9-1-2013

تاريخ النشر :٩ يناير ٢٠١٣ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع: تم الاتفاق على الجانب الامني والعسكري لكن الاقتصادي مازال في الانعاش، “الشبعان على اليوعان بطي”

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12710/article/1620.html

صدر البيان الختامي لقمة الصخير وأبرز ما نتج عنه هو اقرار الاتفاقية الامنية وانشاء قيادة عسكرية موحدة للتنسيق والتخطيط والقيادة. يؤكد ذلك التوجه الامني البحت. ومع ذلك يبقى السؤال هل الاتحاد في صيغته الحالية وبالعقلية السائدة سوف يحقق الهدف الامني؟ 

 تُجمع تجارب الامم بأن الهدف الامني يتحقق عندما تتمكن الدول من بناء قوة اقتصادية تمنحها استقلالية وقدرة على تسليح نفسها والمساهمة في السوق العالمية بمنتجات. ما لم يتحقق ذلك ستبقى الدول الخليجية، سواء كانت متحدة ام منفردة، تعتمد على الغير لتأمين وجودها. الخيار الاقتصادي هو الذي سيجعلها قوة اقليمية تحتاج إليها القوى الاقليمية الاخرى وتزداد نسب التبادل التجاري الذي يربط مصالح الدول بحيث يكون الامن الاقليمي مطلب للجميع يدافع عنه الجميع. هذا يحتاج إلى أن يكون خيارنا وانطلاقتنا تنموية وليست امنية او عسكرية.

 الجانب الاقتصادي في البيان الختامي للقمة لم يخرج عن صيغ الالتزام بتطبيق قرارات المجلس الأعلى كافة المتعلقة بالتكامل الخليجي، وضرورة الالتزام بالجدول الزمني لإنشاء السوق الخليجية المشتركة، والعمل على إزالة كل المعوقات التي تعترض تطبيق الاتحاد الجمركي، وماهي المعوقات وهل مثل هذه القرارات كافية لتحقيق تطلعات المجتمع التجاري في الخليج؟ 

 يقول السيد خليل الخنجي، رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون، إن المجتمع التجاري يسعى الى تحقيق «الاستقرار الاقتصادي لمواطني دول المجلس والمواطنة الاقتصادية الكاملة وتأسيس قوة اقتصادية ضاربة». لكنه يرى ان العمل نحو هذه الاهداف بطيء بدليل ما صدر في البيان من دعوة الى سرعة تنفيذ ما ورد في الاتفاقية الاقتصادية بخصوص توحيد السياسات المالية والنقدية، وتكامل البنية الأساسية وتعزيز القدرات الإنتاجية بما يضمن إتاحة الفرص الوظيفية للمواطنين.

 هذا ما ينادي به المجتمع التجاري، كما انه ينادي بوضع برامج زمنية للانتقـال إلى التكـامل والاندمـاج الاقتصـادي بين دول المجلس، ويطالب ببرنامج زمني لتنفيذ السوق الخليجية المشتركة كما نصت المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية، ويدعو الى ازالة المعوقات. وفي محاولة لإحياء روح الحراك فقد قررت القمة تعزيز دور الامانة في متابعة تنفيذ قرارات المجلس. فهل يمكن للامانة الزام الدول بما لا تريد تنفيذه؟ 

 يتفق د. عصام فخرو (رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين) مع السيد خليل الخنجي على أن ما قام به القادة من خطوات لم تنعكس على حياة المواطن الى حد الان، وهو يأمل ان يسرع القادة في تنفيذ ماورد في الاتفاقية الاقتصادية وتعزيز القدرة الانتاجية وفق برنامج زمني. ويرى ان القطاع الخاص عليه دور في ذلك متى ما توافرت الارادة السياسية.

 خلاصة ذلك ان المجتمع التجاري ينادي بتحقيق آمال الشعوب من خلال «صياغة منظومة متكاملة قادرة على التفاعل مع المتغيرات والتحديات والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتحقيقاً للمواطنة الخليجية والوحدة الخليجية المنشودة». هذا يؤكد بدون شك ان المجتمع التجاري يرى ان التكامل الاقتصادي لا ينفصل عن الحل السياسي. ماهي هذه التحديات وما طبيعة المنظومة القادرة على التعامل معها؟

 إن أهم التحديات التي تواجه دول الخليج اقتصاديا هو ما ورد في البيان الختامي الذي يدعو الى اهمية بناء القدرات الذاتية لكل دولة بشكل منفرد. هذا يعني اننا سوف نستمر في نهج البناء المنعزل المتزمت في المحافظة على السيادة الوطنية من دون وجود رؤية جامعة تكاملية. إن ذلك يُعرِّض الدول المنفردة الى الابتزاز الدولي الذي مورس في السابق. هذا يؤكد ان الفكر «السيادي» مازال مهيمنا على العقلية الخليجية وبالذات في أنظمة المنطقة وليس شعوبها. اي ان عقلية الشعور المفرط بالسيادة سيبقى العقبة الاولى في سبيل تحقيق اي نوع من التكامل الاقتصادي.

 من نتائج المؤتمر «الاتحاد مطلب شعبي» نجزم بأن المخرج لدول مجلس التعاون هو ليس المدخل الامني بل المدخل التنموي الذي يعتمد التنمية البشرية المستدامة هي الغاية والمقصد لكل نشاط انساني وان تتعاون دول الخليج على تعظيم مصالحا الاقتصادية وتجنيد جميع الامكانيات لهذا الهدف ووضع الاستراتيجيات التنموية المشتركة.

 هناك للأسف بعض الاقتصاديين ورجال المال والاعمال ينظرون الى المجال الاقتصادي على انه اجزاء منفصلة. فمثلا دراسة الاستاذ د.محمد خيري تنظر الى اسواق المال على انها كفيلة بجعل دول الخليج اكثر قوة من خلال توحيد قواعد الادراج في السندات والاسهم، او التكامل المالي وغيرها. هذه الخطوات بقدر ماهي مهمة الا انها يجب ان تكون نتيجة لاستراتيجية اقتصادية انتاجية تخلق الثروة ومن ثم نفكر في اسواق تداول الاسهم والسندات. أما أن يتم الاعتماد على الحلول المالية فهذه كمن يضع الحصان اما العربة. وفي مقال للاستاذ عدنان احمد يوسف (رئيس اتحاد البنوك العربية) يرى أن الاقتصاد بخير معتمدا على ارتفاع النمو الاقتصادي من 3,5 الى 4,2% في 2013 بسبب «تحسين ايرادات النفط». والحقيقة ان هذا التحسن لم يأت بسبب تقدم في دول الخليج وانما ردة فعل على انتعاش عالمي. لذلك فإن التحدي الكبير الاخر الذي يواجه دول مجلس التعاون هو تغيير الفكر التجاري والمالي والتحول نحو التركيز على الاقتصاد الانتاجي المعرفي. وفي هذا الصدد يورد المنتدى الذي اقامه تجمع الوحدة الوطنية «الاتحاد مطلب شعبي» العديد من التحديات التي وردت في عدة اوراق منها ورقة الدكتور سعد السعدون والدكتور علي الكواري وغيرهم. سوف نركز في المقال القادم على التحديات الاقتصادية التي وردت في المؤتمر ونتساءل عن المنظومة القادرة على التعامل معها.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *