- لجمعيات السياسية والعمل المشترك
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
تاريخ النشر 13 اكتوبر 2007
نشر منذ ايام في احدى الجرائد المحلية خبر عن تحرك من قبل جمعية الوسط العربي الاسلامي وجمعية التجمع القومي الديموقراطي يسعى الى احياء التيار القومي منطلقتين من أهداف قومية ووطنية في ظل تصاعد المد الطائفي والمذهبي، إضافة إلى الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأمة العربية. وبناء على هذا وجدت الجمعيتان ضرورة إيجاد قاعدة مشتركة للاجتماع والاتفاق على إحياء التيار ولم صفوف القوميين والاسلاميين للحفاظ على الهوية العربية والعقيدة.
في كثير من المناسبات نجد ان الجمعيات السياسية في كل من الاقطار العربية وخصوصا الجمعيات ذات التوجه القومي تختلف فيما بينها على تفاصيل ايديولوجية وتنسى المهمة الاساسية وهي انقاذ الامة من الوضع المأساوي الذي تعاني منه نتيجة ما تتعرض له من هجمات شرسة من قبل مختلف الاعداء وعلى رأسهم الهيمنة الامريكية التي حولت الدول العربية الى اجسام هلامية بلا روح او ارادة تتلقى الضربات واللكمات دون ان تنبري بكلمة احتجاج صادقة.
الكثير يضع مسئولية هذا التردي في الوضع العربي على الحكام وعلى اعوانهم وحاشيتهم التي فقدت القدرة على تقييم الامور بمنظار وطني مستقل بل اعتادوا الخنوع والخضوع التام لرغبة الحاكم الذي هو نفسه افقدته الاطماع السياسية الداخلية كل قدرة على مواجهة اعداء الامة الحقيقيين، بل اضطرته في كثير من الاحيان الى التحالف معهم.
كذلك الحال بالجمعيات السياسية، فهي نفسها متهمة بنفس الاتهام الذي تكيله للحكام في التشرذم والضياع الفكري. ونحن في البحرين لدينا عدد من الجمعيات السياسية تتنتهج خط قومي لبرالي تتفق جميعها على أن الديموقراطية والعدالة والمساواة والحرية أساس كل تقدم وتنمية ولكنها الى حد الان لم تقوم بتحرك إيجابي لتغييره.
تغيير هذا الوضع يحتاج الى رؤية تنموية طويلة المدى ضمن الاطار الخليجي والعربي يهدف الى استقلالية اقتصادية تحرر القرار العربي من التبعية. وهذا يتطلب ايجاد مناخ سياسي حر يشجع بروز الافكار الخلاقة والغير تقليدية في معالجة القضايا المصيرية مثل التنمية والامن القومي والتطور الديموقراطي. ولجعل السياسة في خدمة الاقتصاد – كما يقال – يجب ان نبدأ بتحرير جميع الطاقات من الاحمال والمعوقات السياسية، وازاحة الارث الطائفي من الساحة البحرينية او تحييده ليتفرغ الكل للبناء. ولن يتحقق ذلك ما لم تتظافر جميع الجهود في بناء اجواء من العدالة والمساواة يشعر المواطن بكرامته ويضمن حقوقة دون الحاجة الى طائفة او قبيلة او مذهب او عرق، عندها فقط ستخف حدة التسييس للقضايا ونتمكن من معالجة الامور بموضوعية في اجواء يسودها الحوار والمصالح الوطنية.
وهنا ياتي دور الجمعيات السياسية ذات التوجه القومي الاسلامي في صياغة الرؤيا وخلق مثل هذا المناخ ونتمنى لها النجاح في احداث النقلة من الاتكالية واللامبالاة الى التفاعل الخلاق بين مختلف فئات المجتمع البحريني.