نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

مازال التفاؤل بالحوار.. وفي انتظار رؤية الفاتح

تاريخ النشر :٢٩ يناير ٢٠١٤  

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

مقال اليوم – الخوف من ان ينشغل الناس بالحوار وينسون لماذا نريد الحوار. 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13095/article/4513.html

ردود الأفعال التي كانت تعارض مبادرة الحوار وتستند إلى إمكانية أن يكونالحوار لصالح طرف على حساب طرف آخر بدأت تخف بعد أن حصلت علىتطمينات من الديوان الملكي. أصدر ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية(الفاتح) بيانا يوضح أن «الحوار سيكون مفتوحا وخاليا من أي اتفاقات خارجطاولة الحوار وان جدول الأعمال لن يفرض على أحد، وان المشاورات الثنائيةالتي يجريها الديوان تهدف إلى كسر حالة الجمود التي أصابت الحوار السابقوقد تكون وسيلة أفضل من سابقتها». سيكون التوصل إلى جدول الأعمال عبرآلية مختلفة عن الآلية السابقة والتي فشلت على مدى عشرين جلسة في وضعجدول أعمال وآليات متفق عليها. 

كما أصدرت جمعية الأصالة بشكل منفرد بيانا مشابها تؤكد تأييدها للحوارعلى الأسس التي وضعها الديوان الملكي. لكن لم تختف الأصوات القليلة التيمازالت تعارض الحوار من جميع الأطراف نهائيا، فهي مستمرة خشية فقدانمكاسبها في حالة حدوث انفراجة. 

إننا بحكم دفاعنا عن حرية التعبير نضم صوتنا إلى أصوات المنظماتوالمؤسسات الحقوقية التي تنادي برفع الحجر عن إبداء الرأي مهما كان مخالفالما نرى. 

فالأمور لا تستقيم إلا بإفساح المجال للجميع، ضمن حدود الأدب والاحترام،بالتعبير السلمي بشتى الوسائل لطرح رؤاها وخصوصا في هذه الفترة الحرجةالتي ينطلق فيها الحوار. فالأيام القادمة سوف تتطلب نقاشا في الصحافة لماتطرحه الأطراف من حلول، ويجب أن تتم مناقشتها بكل حرية وشفافية. كما أنتطبيق الحلول سوف يتطلب الشفافية في المعلومات ونتوقع من هذه المنظماتوالكتاب الدفاع عن حق الحصول على المعلومات كما يدافعون (ونحن معهم) عنحقهم في حرية التعبير.  

إلى حد الآن يبدو أن القناعات بضرورة الحوار وجدواه تتعزز ويبقى السؤالحول ما هي المخرجات المتوقعة من الحوار؟ وكيف سيستفيد المواطن من هذهالمخرجات؟ حصلت جمعيات الفاتح على تطمينات القيادة حول قواعد الحوارولكنها لم تطمئن المجتمع ماذا هي فاعلة بالحوار؟ ما هي متطلباتها وما هيالمشاكل التي تريد معالجتها؟ رفعت هذه الجمعيات درجة الخوف في الشارعوالآن هي مطالبة بوضع برنامجها ومتطلباتها أمام الرأي العام؟ بالرغم منوجود مشروع سياسي لدى الفاتح فإنه إلى الآن لم يتقدم إلى المجتمع بهذاالمشروع ولم يفصح عن رؤيته للمشاكل التي يحاول معالجتها. والآن هو مطالببطرح هذه الرؤية قبل مباشرة الحوار لكي تحظى هذه المشاكل والحلولبالنقاش الكافي في المجتمع ولكي يستند الفاتح على دعم أو تصحيح من قبلالرأي العام. 

ولتوضيح الحاجة إلى الإفصاح نشير إلى المقالات التي تتحدث عن الخوف منأن ينشغل الناس بالحوار وينسون الهدف منه وهو معالجة القضايا المهمة التيوجد من أجلها. ينشغل المتحاورون بصراعاتهم وهواجسهم على حساب وضعحلول جذرية مؤثرة تحمي المجتمع من آفات كثيرة ذكرناها وذكرها كثيرون فيالعديد من المواقف والمناسبات. المجتمع يريد أن يعرف ماذا سيحقق المتحاورونللطبقة الفقيرة من عيش كريم، وللباحثين عن العمل من الشباب الذي كاد أنيفقد أمل الوظيفة وبناء أسرة، ولمن ينتظر سكنا منذ عشرين سنة، ولمن يرىالمال العام يذهب في غير موضعه، ولمن يرى المناصب توزع على غيرمستحقيها. وكيف نعالج تأثير هذا الاعوجاج في المجتمع ونضع نظاما يقودناإلى القدرة على محاربة هذه الآفات التي تفتك بالمجتمع، هذه أسئلة مطروحةعلى الفرقاء. 

لن يكون هناك حل سحري ولكن وضع القدم على أول الطريق وتهيئة البيئةالمناسبة الصالحة هي مهمة المتحاورين، ومخرجاتهم يجب أن تصب في تعزيزهذه المطالب. معالجة ذلك ليس بتغيير أفراد أو مسئولين بل بوضع حلولسياسية قابلة للتطوير المرحلي وغير جامدة على مبادئ قد لا تكون صالحةلجميع الأوقات، القرآن وحده هو الصالح لجميع الأوقات أما ما عدا ذلك فهو منصنع الإنسان ويجب أن يكون خاضعا للتعديل وفق تجاربنا. 

المجتمع ينتظر من هذا الحوار أن يسفر عن حلول تعالج الفساد وتؤسسلمساءلة ومحاسبة تقف على أرض صلبة من الشفافية والحفاظ على المال العام.  

والقضية الثانية التي ينتظرها المجتمع من المتحاورين هي معالجة الاحتقانوالانشطار في المجتمع لتحقيق الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصاديللجميع. لا بد أن يتم التأسيس لهذه المعالجة في الحلول من خلال تكريسالعدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية. 

لذلك فإن المجتمع يطالب جميع الأطراف بأن يضعوا أمام الناس مشاريعهم(وليس مقترحات غير متماسكة) التي تقدموا بها لمعالجة هذه القضايا وكيفتختلف معالجتهم عن غيرهم من الأطراف ولماذا؟ لا يكفي رفض مبدأ ديمقراطيبسبب الهواجس والشكوك، بل يجب وضع مبررات مقنعة لتأخير أي خطوة فيطريق بناء وتطوير نظام ديمقراطي تنموي يضع مصلحة المجتمع في المقدمة،وإعطاء المجتمع أمل في أن ما نرفضه اليوم بسبب الشحن الطائفي سوفنعمل على تطبيقه بعد تهيئة البيئة له، وان نقدم خريطة لكيفية تهيئة المجتمع؟ لابد أن تفصح هذه الجمعيات عن رؤيتها للحل الشامل وعدم الاستمرار فيتخويف المجتمع من مخرجات لم تفصح هي عن بديل لها. 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *