نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. مستقبل تجمع الوحدة الوطنية

تاريخ النشر :11 يونيو  2011 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

انها مرحلة حاسمة في تطور البحرين سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ونجاحنا في ادارة هذه المرحلة سوف يكون له تأثير كبير على تنمية وتطور المجتمع. هناك الكثير من القضايا التي تحتاج الى حسن ادارة والى مشاركة من نوع جديد يتجاوز العقليات التي سادت في الفترة السابقة والتي كانت لها مساهمة في الوصول الى هذا الوضع. ان اهم القضايا التي تحتاج الى علاج في المجتمع هي ذلك الشرخ الطائفي العمودي الذي قسم المجتمع اكثر مما كان مقسما واستقطب مكوناته في كنتونات شبه معزولة بمواقف متصلبة. ان علاج هذه المشكلة يحتاج الى ادوات جديدة وتناول مبتكر للوضع الاجتماعي والسياسي، ولا ادري كيف ستتمكن الجهات التي خلقت المشكلة ان تتعامل مع نتائجه. ان احد المساهمين في خلق المشكلة هي الجمعيات السياسية الدينية. بعض هذه الجمعيات يحاول باستماته ثني تجمع الوحدة الوطنية من تشكيل جمعية سياسية تطالب بدولة مدنية قائمة على المواطنة والحرية والديمقراطية، والمساهمة بذلك في كسر الاستقطاب الطائفي بين الجمعيات الدينية. 

اننا مقبلون على مرحلة حوار وطني يتحدد فيه مستقبل البحرين وبالتالي فان مشاركة اكبر شريحة ممكنة من المواطنين في هذا الحوار له اهمية كبيرة وتداعيات عميقة في صنع المستقبل. ان اختصار الحوار والمشاركة السياسية بين الجمعيات السياسية الحالية فيه الكثير من الاجحاف في حق المواطنين الذين لا ينتمون الى هذه الجمعيات السياسية التي فقدت الكثير من مصداقتها وتاثيرها في المجتمع بدليل ادائها في الانتخابات السابقة. كما ان هناك العديد من المواطنين، وبالاخص الشباب منهم، لا يرغبون في الانتماء الى تيارات مقسمة على أسس مذهبية وطائفية. وتجمع الوحدة الوطنية يشكل الفرصة لانخراط هؤلاء في العمل السياسي والمشاركة في صناعة المستقبل.  

تطرح الجمعيات السياسية الدينية خيارين لمستقبل التجمع، الخيار الاول هو تحويله الى ائتلاف بين الجمعيات السياسية القائمة متجاهلة بذلك الاعداد الكبيرة التي انظمت في التجمع الوطني وهي ليست طرف في الجمعيات السياسية الدينية. ان المقترح الذي تتبناه بعض الجمعيات الدينية بتحويل التجمع الى ائتلاف يقوم على عدة اعتبارات  منها:

  1. ان بعض الجمعيات كما اسلفنا فقدت الكثير من شعبيتها في الشارع وقد تحاول ركوب قافلة التجمع لاستعادة تاثيرها. 
  2. يبدو ان الجمعيات الدينية تحاول منع قيام جمعية اخرى تنافسها على الاصوات وبالتالي فان دافعها في رفض تشكيل جمعية سياسية قد ينطلق من مصلحة ذاتيه لا علاقه له بالمصلحة الوطنية او حاجة المجتمع. 
  3. كيف يمكن ان يكون هناك ائتلاف بين جمعيات سياسية وافراد في حين عدم وجود غطاء قانوني لذلك؟ وباي صفة يشترك الافراد الذين لاينتمون الى جمعيات سياسية في هذا الائتلاف؟ وحتى لو وجدت صفة لذلك فان الافراد يفتقدون الى التنظيم الذي يمكنهم من الحصول على التمثيل المؤثر، فالجمعيات السياسية القائمة سوف تستحوذ على المراكز القيادية وفق محاصصة وردت في مقال سابق لاحد أعضاء هذه الجمعيات. 
  4. عدم الاخذ في الاعتبار بان من بين افراد التجمع اكاديميون وتكنوقراط واختصاصيون لا يرغبون الاشتراك في جمعيات دينية او اي من الجمعيات؟ 
  5. خامسا ان الجمعيات السياسية تحصل على دعم مالي من الدولة وتمويل من جهات مختلفة لن يكون ذلك متاحا لافراد تجمع الوحدة الوطنية مالم يكن له كيان سياسي مستقل.
  6. لم توضح الجمعيات المانع من تشكيل ائتلاف مع التجمع بعد ان يُسجل كجمعية سياسية. 
  7. ان المرحلة المقبلة تتطلب التصدي للطائفية واعادة اللحمة الوطنية وقد اثبتت التجارب بان الاحزاب الدينية بشكل عام هي اداة تصعيد وليس وسيلة معالجة. 

الخيار الآخر الذي تطرحة هذه الجمعيات هو تشكيل “جمعية اجتماعية”. كيف يمكن ان تعبر مثل هذه الجمعية عن تطلعات مجتمع البحرين في الامن والاستقرار والتنمية والعدالة والحياة الحرة الكريمة ، وكيف ستمثله في الحوار الوطني؟ وماهي الاهداف التي ستحققها له؟

حسب تصريح الشيخ عبداللطيف رئيس التجمع فانه مع تشكيل جمعية سياسية قلبا وقالبا ومعه أكثر من 60% من اللجنة العليا، لكنه ترك القرار الى اللجنة التأسيسية. تشكلت اللجنة التأسيسة باسلوب عشوائي، والان لا ترغب قيادة التجمع توسيع عضويتها. فمثلا تم طرح اقتراح بان يشترك في اللجنة التاسيسية اعضاء اللجان الفرعية التي عملت مع التجمع لعدة اشهر في وضع التصورات والمقترحات والدراسات المتخصصة، وبالتالي فهم يستحقون ان يدرجوا ضمن هذه اللجنة خصوصا وانهم يمثلون مختلف مناطق البحرين وبتخصصات متعددة تثري التجمع. رُفض هذا المقترح دون اعطاء أسباب مقنعة!!

ان الخيارات المطروحة للحوار ستكون خيارات تعزز المسيرة الديمقراطية وتهم المجتمع، والمطلوب في هذه المرحلة ليس معالجة المشاكل الحالية وحسب، بل والاهم، بناء مجتمع قادر على مداواة جروحه وتخفيف التوجه الطائفي والاستقطاب المذهبي. هذا يستدعي اعطاء وزن اكبر للجمعيات التي تؤمن بالديمقراطية والدولة المدنية ولا تأتمر باوامر اشخاص او مرجعيات، ولذلك فان الوطن بحاجة الى جمعية قوية وطنية قادرة على رأب الصدع والدفاع عن قضيتنا المحورية وهي التنمية والعدالة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *