نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. التأمينات الاجتماعية وتوصيات لجنة التحقيق.. ماذا بعد؟ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

الأربعاء ٣١ مارس ٢٠٢١

مقال الاسبوع – لجنة تحقيق هيئة التامينات خرجت بتوصيات كما خرجت لجنة التحقيق السابقة 2014 بتوصيات مماثلة حول الشفافية وجودة الاستثمار ومازالت هيئة التامينات تعاني من لنفس المشاكل ونفس التجاوزات والعجز. جزء من الحل في تقوية تمثيل اتحاد ونقابات العمال وانشاء نقابات عمال لموظفي الدولة وان يكون لهم ثقل اكبر في مجلس ادارة الهيئة وتقليل تاثير الحكومة في قرارات الصناديق التقاعدية. 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1243989

تشكلت اللجنة البرلمانية الثالثة (اللجان السابقة في 2003-2014) للتحقيق في هيئة التأمينات الاجتماعية بسبب العجز الاكتواري وما تبعه من إجراءات وقرارات أضرت بالمتقاعدين وأفقدتهم حقا من حقوقهم في التعويض (3%) عن التضخم وارتفاع كلفة المعيشة، مع زيادة الاشتراكات الشهرية. قدمت اللجنة تقريرها إلى مجلس النواب متضمنا 50 توصية اقرها المجلس وطالب بمراجعة شاملة لسياسات الاستثمار الحالية، وطالب المجلس أيضا بوضع نظام جديد للحوكمة لإدارة الاستثمار، وإعادة النظر في القائمين على قيادة العمليات الاستثمارية الحالية بما يضمن رفع كفاءة القائمين عليه وزيادة عوائده. دار نقاش حول بعض التوصيات في المجلس ما اظهر الحاجة إلى إعادة النظر في جوانب من عمل الهيئة وإدارتها.

من بين الملاحظات التي أوردتها اللجنة هي ما يتعلق بكفاءة الاستثمارات. وقالت اللجنة ان العوائد الاستثمارية لا ترتقي للمتوقع من استثمارات بهذا الحجم. هذه الملاحظة وردت كذلك في اللجنة التي شكلت في 2014 حيث أورد رئيس لجنة 2014 الشيخ مجيد العصفور ان «أصولا كبيرة جدا توضع في محافظ بفوائد 2% فقط، وأن المتوسط كان 2.5%، بينما الإمكانية حسب إدارة الصندوق هو 6%. وقد أوصت تلك اللجنة كذلك بالحاجة إلى مراجعة السياسة الاستثمارية». بحسب رئيس مجلس الإدارة السيد الكوهجي فإن العوائد وصلت إلى 8.93% على بعض الاستثمارات، وهذا قد يكون صحيحا ولكن العبرة في المتوسط العام. أما القول بأن الهيئة تحصل على عوائد بنسبة عالية في بعض المحافظ الاستثمارية وفي سنوات محددة (2016-2020) فهذه نسبة لجزء من الاستثمارات وليست متوسط الاستثمارات. وما أوصى به الخبير الاكتواري هو نسبة (6%) كمتوسط الاستثمارات وليس لجزء منها.

النقطة الثانية التي أثارت جدلا في هذه اللجنة وكذلك اللجنة السابقة تلك المتعلقة بعدم الإفصاح عن أجور الرئيس التنفيذي والسير الذاتية لإداريي الاستثمارات خلافا للشفافية، وقد تم طلب هذه المعلومات بعد ان رأت اللجنة ان الإدارة استخدمت أموال الهيئة في تمويل مشاريع (إنقاذ مؤسسات) مثل بنوك متعثرة أو شركات، حيث انها أودعت مبالغ كبيرة في بنوك بعائد 1% فقط، مما اضعف نسبة الاستثمار إلى مستويات غير مقبولة. والشفافية مطلوبة في جميع أعمال الجهات الرسمية وهي من ضروريات الحوكمة، أما احتكار المعلومات فيعتبر من مصادر الفساد وتعطل محاربته من قبل الدولة  أو المجلس النيابي أو المجتمع. وقد طالبت اللجنة السابقة بتغيير الإدارة بسبب استثمارات ليست في محلها وفق تقديرهم.

النقطة الثالثة التي أثارت الكثير من الجدل هي مكافآت مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية. وهذه أيضا من النقاط التي أثيرت في التحقيق السابق حيث اثارها النائب عبدالحميد النجار: ذكرت كذلك تلك اللجنة ارتفاع مكافآت الموظفين وعدم تعاون الهيئة في إمداد اللجنة بسير القائمين بعد ان رأت عدم كفاءة الاستثمارات والقائمين عليها، وهذا مؤشر خطير ويؤسس لممارسة لا تخدم مبادئ الحوكمة وحسن إدارة المال العام. 

القضية الرابعة هي تركيبة مجلس الإدارة. يفترض ان يكون مجلس الإدارة المرجع الأخير والمسؤول الأول عن أداء الصندوق وبالتالي يجب أن يخضع تشكيله لنظام صارم من حيث طريقة الاختيار وتمثيل الأطراف المعنية. فهل العمال ممثلون في المجلس بما يعكس مصالحهم؟ ينبغي ان يخضع التمثيل لقاعدة تختلف عن قاعدة المساهمة في الصندوق، وأن يعكس التمثيل مصلحة أصحاب الأعمال الذين يدفعون جزءا من التمويل (الاشتراكات) ومصلحة العمال والموظفين الذين أيضا يدفعون الجزء الآخر وفي نفس الوقت هي الجهة المستفيدة من الضمان الاجتماعي الذي يوفره لهم التقاعد. فكيف نوفق بين هذه المصالح في تركيبة المجلس؟ اقترحت اللجنة الالتزام بالتشكيل الكامل لمجلس الإدارة كما ورد في القانون رقم (3) لسنة 2008 بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي المعدل بالقانون رقم (33) لسنة 2014. ونرى انه لكي يكون تمثيل العمال مؤثرا لا بد من تقوية النقابات وخلق نقابة لموظفي الهيئات الحكومية، ونقابة للمعلمين، ونقابة لموظفي وعمال الخدمات الطبية، وغيرها. أي ان توازن القوى يخدم مصلحة العمال وأصحاب الأعمال والمجتمع. في الوقت الحاضر هذا التوازن غير متوافر.

من النقاش اتضح ان الهيئة ومجلس الإدارة تمتلك استقلالية تامة في قراراتها الاستثمارية وأنها تملك تفويضا كاملا وأن السياسة الاستثمارية تضعها الهيئة لنفسها، وورد على لسان المسؤولين ان الشركة نفسها تتابع أداء المحفظة الاستثمارية. لم يتبين ما إذا كانت هناك جهة أخرى تتابع الأداء وتقيمه. كذلك من المؤسف ان هيئات حكومية  لم تسدد اشتراكات متراكمة عن النواب والشوريين والمجلس البلدي وتراكماتها الاكتوارية. كما ان بعض المتأخرات ناتجة عن قرارات اتخذتها جهات حكومية أثرت على عائدات الصندوق ومازالت لم تسدد.

والآن نقول إن الدولة هي الجهة المسؤولة والقادرة على إصلاح الوضع وتحمل مسؤولية العجز إلى ان يتعافى الصندوق ولا يجوز ان يتحمل المتقاعدون المسؤولية.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *