نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ماذا بعد ندوة الاعلام الاقتصادي؟

تاريخ النشر : 28 اغسطس  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

نظمت غرفة التجارة والصناعة ندوة بعنوان “الاعلام الاقتصادي البحريني والمرحلة المقبلة” تحدثت فيه وزيرة الثقافة والاعلام عن اهمية صوغ خطة تطوير شاملة للاعلام البحريني عموما والاعلام الاقتصادي خصوصا. وتنقسم الندوة الى قسمين، الاول يتعلق بالاعلان والاخبار المتعلقة بالشركات والمؤسسات المدرجة في سوق المال. ومع اهمية هذا الجانب في فهم الصورة الكاملة للنشاط الاقتصادي فان تركيزنا في هذا المقال يقع في القسم الثاني من الندوة والمتعلق بالتنمية والتخطيط لها وتحقيق الرؤية الاقتصادية.

ونظرا لاهمية مادار في هذه الندوة للمسيرة التنموية فقد رأينا ان نلخص ماجاء فيها من آراء حول المعوقات والتوصيات التي تؤثر على توفر المعلومات لمتخذ القرار والمتابع والمواطن لتقييم المسيرة التنموية والرؤية المستقبلية لتساعده على التعرف على اداء النواب والحكومة ولتكون اساسا للمساءلة والمحاسبة كما انها مهمة للقائمين على تنفيذ الرؤية الوطنية في التخطيط والمتابعة، وخصوصا بعد ان اثرت الازمة الاقتصادية في كل بيت وجعلت النمو الاقتصادي الشغل الشاغل للكثير من المواطنين العاديين. 

خلصت الندوة الى ان الإعلام الاقتصادي المحلي لايزال في مرحلة التأسيس والنشوء ويحتاج إلى المزيد من الجهد والتمويل ليصل إلى مرحلة النضوج، وتطالب الندوة الاعلام الاقتصادي بالقيام بدوره في التنمية من خلال نقل ما يحصل من تطورات اقتصادية تمس واقع ومستقبل المعيشة بصدق وامانة، وان يتصدي للظواهر الاقتصادية ذات الصلة بحياة المواطن، ويفسر البعد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للحدث الاقتصادي. كما تطالبه بفتح باب النقاش بشأن القضايا التنموية، وخاصة فيما يتعلق بالتحديات المحلية والخارجية ومدى فاعلية الإستراتيجيات الحكومية، وعلاقة الاقتصاد البحريني بالاقتصاد العالمي. وان يقوم بإجراء التحليل والتفسير المستند على البيانات الناتجة عن استخدام أدوات البحث العلمي مثل إجراء استطلاعات الرأي لمعرفة اتجاهات الجمهور بشأن قضايا التنمية والاستثمار.

اتضح من الندوة ان نجاح الاعلام في ذلك يعتمد على تغلبه على ثلاث تحديات أساسية. اولا: مدى قدرته في نقل وصف محايد للبيئة والمناخ الاقتصادي وتثقيف المجتمع وتعريفه بالسياسة الاقتصادية وانشطتها وتحدياتها بما يؤدي الى توسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار الاقتصادي ومناقشتها بشكل موضوعي يتيح للمجتمع تحليلات وتنبؤات، تساعد المواطن على ادراك أهميتها في تحقيق التنمية المستدامة بعيدا عما يتعرض له الاعلام من تاثيرات سلبية واغراءات وضغوط رسمية ومدنية لتلميع صور الخطط والاستراتيجيات والبرامج. ثانيا: شح المعلومات وحجبها عن الصحافة والمختصين والمتابعين والمواطنين مما يعيق قدرتهم في تقييم التقدم في تنفيذ  الرؤية والاستراتيجية الوطنية. ثالثا: وجود نقص كبير في الكوادر المدربة للتعامل مع هذه المعلومات في حالة توفرها.

ولمعالجة هذا الوضع توصل المنتدون الى عدد من التوصيات منها اولا: اهمية وجود رؤية واضحة واستراتيجية للإعلام الاقتصادي تهدف إلى إبراز فلسفة التنمية وتوجهاتها .ثانيا:وجود المؤسسات التعليمية القادرة على تزويد سوق العمل الإعلامي بالكوادر الإعلامية المتخصصة. ثالثا: وجود الأقلام المتخصصة القادرة على طرح الأفكار والرؤى الاقتصادية والمالية. رابعا: وجود الصدقية والأمانة المهنية التي تضمن نقل الأخبار والمعلومات الموثقة للمصلحة العامة وليس لصالح جهة معينة. خامسا: استخدام أدوات البحث العلمي لغرض زيادة الكفاءة والقدرة على التحليل والاستقراء لدى العاملين في هذا القطاع. سادسا: وجود قاعدة معلومات متطورة لدعم البحث الإعلامي. 

تُبرز الندوة أهمية المعلومات المناسبة لمراحل التنمية المختلفة. فهي مهمة في مرحلة وضع الرؤى وفي مرحلة تحديد الاهداف ووضع الاستراتيجيات وفي مرحلة التنفيذ والمتابعة والمراجعة والتصحيح. اي ان التنمية لا يمكن ان تتم او ان تتقدم مالم تتوفر معلومات تضع برامج التنمية على المسار الصحيح. غير ان هذه الندوة اظهرت شحا في المعلومات على مستويات عالية. فمثلا يقول الامين العام لمركز البحرين للدراسات والبحوث بان المعلومات حبيسة ابراج عاجية، ونائب الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية يقول بان فشل الاصلاحات الاقتصادية يعود الى اغفال الادوار السياسية والاجتماعية والثقافية والرقابية وعدم توفر المعلومات الضرورية والمناسبة لها في الوقت المناسب ليكون التعامل معها بشكل متكامل. اما رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين فيلخص دور الاعلام في “كونه ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويساهم في تهيئة المناخ السليم لتحقيق الأهداف والتي من بينها ان يكون الاعلام مصدرا أساسيا للمعلومات ومنبرا رقابيا في التصدي لمظاهر الفساد والتعدي على الممتلكات العامة وتعزيز التنافس والشفافية، وان يتصدى الاعلام للمشكلات والمعوقات في طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”. 

والان ماهي اسباب شح المعلومات؟ هل هي عدم اكتمال المنظومة المعلوماتية ام فشل في تحديد المعلومات المطلوبة للتنمية، ام ان المعلومات متوفرة ومحجوبة عن المجتمع التجاري والاكاديمي وحتى الرسمي. وفي جميع الحالات نتساءل كيف تتوقع الحكومة من المواطن والمؤسسات المدنية من متابعة انجاز الاستراتيجية الوطنية وكيف سندرك نتائج مسيرتنا التنموية في ظل غياب مثل هذه المعلومات عن المختصين والمجتمع. وللاجابة على ذلك تقول وزيرة الثقافة والاعلام بان الوزارة بصدد “صوغ خطة تطوير شاملة للاعلام البحريني عموما وما يخص الاعلام الاقتصادي خصوصا بالتعاون مع جهات عديدة”. بطبيعة عملها فان وزارة الاعلام قد تركز على ابراز المعلومات بصورة معينة، اما توفير هذه المعلومات للمواطن فاننا نحتاج الى تظافر جهود الوزارات المختصة ومجلس التنمية الاقتصادية والجهاز المركزي للمعلومات. كما لا يخلو طرف غرفة تجارة وصناعة البحرين من المسئولية في تجميع المعلومات من مختلف الجهات وخلق قاعدة بيانات متوفر لمجتمع الاعمال كخدمة اضافية لاعضائها نظير اشت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *