نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. مجالس رمضان.. هل الإصلاح الثقافي مسئولية المواطن؟ 

  تاريخ النشر :٣١ يوليو ٢٠١٣ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع- البعض يحمل مسئولية التخلف على المواطن وليس على الانظمة المستبدة التي ادخلت العالم العربي في مانحن فيه اليوم

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12913/article/39798.html

بمناسبة حلول الشهر الفضيل تم تعليق الحوار إلى ما بعد رمضان في ظل تجاذبات حول الجدوى من الحوار ومخرجاته. وتحول الحوار عن الوضع في البحرين والعالم العربي إلى مجالس رمضان سواء كانت الأحاديث التي تنشر في الصحافة او التي لا تنشر وهي الأكثر وقد تكون الأكثر قربا من المواطن. تناولت الأحاديث – وخصوصا تلك التي تدور في المجالس الشعبية – ما يؤرق المواطن ليس في البحرين بل في الوطن العربي المأزوم لما له صلة مباشرة بحياته ومستقبل أبنائه.

 نشرت الصحافة المحلية حديثا دار في احد المجالس وتطرق الحضور إلى تشريح الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في الدول العربية وتم جرد للمشاكل التي تؤرق المواطن العربي والخليجي بشكل خاص والتي لها علاقة مباشرة بمستوى الإحباط الذي يشعر به.

 بدأ الحوار حول الأمن الغذائي والاستثمار في السودان الذي قدم مؤخرا للبحرين ودول خليجية أخرى قطع أراضي مخصصة للاستثمار الزراعي، والتساؤل ماذا حدث لهذا المشروع حتى الآن؟ يقول احد رجال الأعمال المعنيين ان البحرين سوف تركز على الثروة الحيوانية بالإضافة إلى الجانب الزراعي. ويرى انه «من الضروري تنمية قدرتنا الصناعية في مجال صناعة الأغذية لكي نستفيد من هذا المشروع بشكل مؤثر في الأمن الغذائي»، وينوه بان هذه مسئولية الدولة بالدرجة الأولى.

 للأسف دائما هناك من يحاول إلقاء اللوم على المواطن العربي البسيط، فيتساءل هل الإنسان العربي وصل إلى قناعة لبناء عالم عربي أفضل؟ ويقارن الوضع العربي بكوريا الجنوبية في الثمانينيات، وكيف «ان كوريا استطاعت ان تنتشل نفسها من براثن الفقر إلى رحابة الغنى». يتناسى المتحدث ان تاريخ الثورة الصناعية الكورية قادها رجل مثل «بارك لي» الذي جند مقدرات البلاد لتحويل البلد إلى دولة صناعية ولم يشغله عن ذلك طبقة متنفذة استمرأت الفساد وثقافة الاستئثار، ولم يعيقه تأجيج قبلي وطائفي ترعاه دولنا العربية. فقد عمل «بارك» على محاربة الفساد بجميع أشكاله ووضع مصلحة الوطن في مقدمة أولوياته على عكس الكثير من قادة الدول العربية. ومع ذلك فان الوضع لم يستقر في كوريا الا بعد ان اعتمدت النظام الديمقراطي في الثمانينيات. 

 يصر المتحدث بطرح السؤال هل نحن العرب شعب منتج ويؤمن بالإنتاجية؟ ويضرب مثالا على موظف القطاع العام، وان إنتاجيته تعادل نصف ساعة عمل في اليوم. تصدى احد رواد المجلس لهذا السؤال بالقول بان «الوطن العربي يزخر بالكفاءات التي أثبتت قدرتها في الخارج وليس في الداخل». هذا يدل بشكل قاطع على ان العلة ليست في المواطن بقدر ما هي موجودة في البيئة والثقافة التي تخلقها الأنظمة من خلال النظام الريعي ووسائل توزيع الثروة والإنتاج والمحسوبيات والواسطات، ويواصل، بان الدول العربية لم تقدر نعمة النفط فأسهم في تأخرنا، ولم تدرك الدول أهمية الصناعة لبناء الحضارة فتخلفنا. 

 وهنا نطرح عليه السؤال: من الذي يقود التنمية الصناعية؟ هل هو المواطن البسيط ام النظام؟ ومن الذي يقود التحولات الثقافية؟ هل المواطن البسيط ام النخب السياسية والاقتصادية؟

 وبالتالي فان إلقاء اللوم على المواطن العربي تحليل غير عادل وغير منصف في حين تبرئة الحكام المسئولين بالدرجة الأولى عن إدارة شئون البلاد بما في ذلك نظامها الثقافي. والقول بان الثقافة العربية جعلت الإنسان العربي اتكاليا يتوقع من الدولة تقديم كل شيء له، فهذا في حد ذاته اقرار بمسئولية الأنظمة كونها العامل الأهم في تشكيل هذه الثقافة خصوصا بعد ظهور النفط. لم يكن الإنسان العربي ذلك الخامل المتكل قبل النفط، فإذا نظرنا إلى البحرين نجد ان الإنسان البحريني غامر بحياته في البحر من اجل لقمة عيشه، وثابر على الزراعة في الحقول لتحقيق اكتفاء ذاتي نسبي في منتجات زراعية عديدة، وساهم في بناء الدول المجاورة. 

 لذلك نقول ان الذي حطم ثقافة الإنتاج في الدول العربية والخليجية هو التعامل الخاطئ مع الثروة النفطية وتوزيعها غير العادل الذي أنتج ثقافة النفاق والتزلف. وان المسئولية في ذلك تقع على عاتق الحكام وليس الشعوب. وثقافة البلد التي ربت مواطنيها على ان النجاح ليس بالعمل بل بالتقرب من المسئول حيث تكون الترقيات والتعيينات والهبات والشرهات. اما المقارنة بين العامل الياباني والعامل العربي والخليجي بشكل خاص فإنها مقارنة لا تنم عن وعي وإدراك للفوارق التنظيمية والسياسية والاقتصادية بين البيئة اليابانية والبيئة الخليجية التي أُسست على قيم قبلية تؤصل للمحسوبية في التقييم وفي التعيين وفي الحصول على الامتيازات. 

 يشترك الحضور في تشريح أساس مشكلة عدم الإنتاجية بالقول إن السبب هو «اننا نعامل الشخص المنتج وغير المنتج سواء، ولا توجد محاسبة للمهمل والكسول، ولا يمكن لرئيس العمل التخلص من الشخص غير المنتج». اي ان عدم وجود المساءلة والقدرة على إعفاء المسؤول من منصبه هو أساس المشكلة، وهذا ينطبق على جميع المستويات الإدارية والتنظيمية والسياسية. ويقول آخر إن المشكلة في عدم المحاسبة ليس بسبب عدم وجود الأنظمة والقوانين ولكن بسبب عدم تطبيق هذه القوانين على الجميع وعدم وجود أنظمة الرقابة والمحاسبة. ونتساءل لماذا لا توجد مثل هذه الأنظمة؟ ولماذا لا يتم تطبقها؟ هل المسؤول هو المواطن البسيط ام هم القيادات السياسية والاقتصادية المستفيدة من النظام؟ فما هو الحل؟

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *