الوضع الاقتصادي لا يتحمل مزيد من الرسوم والضرائب الاستهلاكية الحل في فرض ضرائب على الثروات وعلى الدخول العالية يتحملها من استفاد من الطفرة بحق او بغير حق!!
http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1107866
منذ أسبوع اتصل بي شاب أسس مشروعا صغيرا خدميا قبل سنتين مستعينا بقرض مصرفي، اليوم يعاني هذا الشاب من تراكم الإيجارات ورواتب العمال بالإضافة إلى قسط البنك ويفكر هل يغلق المحل ويخسر كل شيء أم ان هناك في الأفق ما يجعله يصمد حتى يتغير الوضع الاقتصادي؟ تذكرت حينها حوارا دار مع احد رجال الأعمال يقول إنه أغلق مشروعا صناعيا كان واعدا لكن لم يحصل على الدعم والمساندة من السلطات ما جعله يغلق المشروع. وحديثا مع رجل أعمال آخر يفيد بأن كثيرا من المشروعات الصغيرة والمتوسطة مهددة وقد أغلق كثير منها.
هذا يقودنا إلى تقرير (أخبار الخليج 14 يناير 2018) حول «المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتضر». تقول السيدة أفنان الزياني في هذا التقرير إن «زيادة الرسوم على السجلات سوف تثقل كاهل المؤسسات وخاصة المتوسطة والصغيرة منها». ويرى آخر ان زيادة الرسوم هذه سوف تؤثر على التاجر وعلى المستهلك، فالتاجر سوف يضطر إلى رفع السعر مما يؤثر على المستهلك. وإذا أضفنا إلى ذلك تأثير ضريبة القيمة المضافة فإن القدرة الشرائية سوف تتأثر وخصوصا في السلع الكمالية، وهذا قد يؤدي إلى إغلاق بعض محلات تجارة السلع الكمالية. كبار التجار قد لا يتأثرون بنفس القدر بسبب تنوع تجارتهم على عكس صغار التجار الذين يتركز نشاطهم في تجارة محددة.
تكرر هذه الحديث والمخاوف من ارتفاع الأسعار في مقابلة مع عدد من رجال الأعمال. فما تأثير كل هذا على الوضع الاقتصادي؟ يقول التجار في هذا الحديث ان الاقتصاد حلقات مترابطة ولا بد لهذه الزيادة من تأثير على المستهلك في جوانب أخرى. فالمحروقات والرسوم سوف تؤثر بالضرورة في مجمل الأسعار. احد آثار هذه الرسوم والضرائب هي ضعف القوة الشرائية لدى المواطن وتأثيرها على السوق. وإذا أضيف إلى ذلك انخفاض الإنفاق الحكومي فإن ذلك يؤذن بانخفاض في الحركة التجارية في السوق. معالجة ذلك قد يكون من خلال زيادة نسبة الدعم للمواطن ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، هذا الدعم إذا كان مجزيا سوف يرفع من زيادة الطلب على السلع وينشط من الحركة التجارية في البلاد. فما هو المعدل المجزي لكي يكون التأثير فعالا؟
القضية الثانية التي تطرق إليها رجال الأعمال هي العمالة المتضخمة في وزارات الدولة وما تشكله من ضغط على الميزانية، لكن معالجة ذلك لن يكون سهلا، حيث إن تسريح هؤلاء غير مقبول وتحويلهم إلى القطاع الخاص غير ممكن في وقت معقول، لذلك فهناك حاجة لمعالجة طويلة الأمد تحد من الآثار السلبية على المجتمع. إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية في القطاع الخاص يجب أن يكون مشروعا وطنيا وله خطة متكاملة تشمل الجانب الثقافي والاقتصادي والتدريبي والتعليمي. وفي ضوء ما نراه من تباطؤ في برامج التعليم والتدريب والتأهيل فإن مواجهة ذلك لن يكون قريبا.
القضية الثالثة التي برزت من حديث التجار هي ارتفاع الرسوم على السجلات ورسوم مختلف الهيئات وارتفاع كلفة الكهرباء والماء وفي نفس الوقت ضعف القوة الشرائية التي سوف تواجه المواطن. هذه الشكاوى تكررت من العديد من صغار التجار الذين يطالبون الجهات التشريعية والحكومة بإيجاد حل مناسب لها. النتيجة هي ان معدل الإغلاق قد ارتفع بين صغار التجار نتيجة لسوء أوضاع السوق. تأثير ذلك على الاستثمار هو ان عدد السجلات الجديدة في 2017 هي سبعة آلاف سجل مقارنة بستة وعشرين ألف سجل في 2106 (وفق تقرير أخبار الخليج نفسه). هذا الانخفاض الكبير في عدد السجلات لا بد انه انعكس بانخفاض في مستوى الاستثمار المحلي في الاقتصاد وهذا مؤشر غير صحي.
يرى رجل الأعمال (سمير ناس) أن الأسلوب المتبع في فرض الرسوم على القطاع الخاص «يؤدي إلى خسائر تخرج بسببها شركات ومؤسسات من السوق نهائيا». وتابع: ان «فرض الرسوم لا يعدو ان يكون مسكنا لازمة اقتصادية تستفحل يوما بعد يوم». يرى السيد ناس ان الرسوم التي تؤخذ مقدما من القطاع الخاص هي غير سليمة وتؤدي إلى زيادة كلفة الخدمات والسلع. يحذر السيد ناس من تضخم مستقبلي في حال استمر فرض الرسوم بهذه الصورة، واستمرت الدولة في اعتماد سياسة التقشف وتقليل الإنفاق على المشاريع لمعالجة العجز.
الخلاصة هي غياب رؤية اقتصادية سليمة تضع في الاعتبار إمكانية هبوط سعر النفط وانخفاض إيرادات الدولة، لذلك تعرضت الدولة لهذه المسألة جعلتها تلجأ إلى فرض الرسوم وتطبيق الضرائب، بالإضافة إلى ان هذه الضرائب أدت إلى تذمر المواطن، ويرى ان تأثير هذا جعل كثيرا من الشركات تتكبد خسائر قد تخرجها من السوق. من ناحية أخرى يرى أن تقليص الإنفاق العام على المشاريع سوف يضر بالأداء العام للاقتصاد ويضر بمؤسسات الإنشاءات التي تعتمد على مشاريع الدولة بشكل كبير.
يرى عدد ليس قليلا من التجار ان الحل ينبغي ان يكون في فرض ضرائب أرباح على الشركات الكبرى والبنوك. ويدعو التجار والمصرفيون إلى الاستعداد لهذا الارتفاع والتخطيط له لتحقيق اقتصاد مستدام يستفيد من تحسن أسعار النفط التي بدأت في الارتفاع. هذا يتطلب وضع استراتيجية طويلة المدى وتنفيذها بصرامة، لذلك نكرر مطالبتنا بعقد نقاش مجتمعي لتدارس مثل هذه الاستراتيجيات وآليات تنفيذها. هذه مسؤولية تقع في المقام الأول على الدولة وعلى مجلس النواب في تبني مثل هذا النقاش المجتمعي لمعالجة الاقتصاد بشكل شامل وجذري وإنقاذ صغار التجار والرواد من مرارة اتخاذ قرار الإغلاق وتكبد خسائر يمكن تجنبها.