نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

لجنة البحرنة.. نشاطها اللافت ونتائجها المأمولة (1-2)

http://media.akhbar-alkhaleej.com/source/15097/images/Untitled-13.jpg

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٩ – 01:00

مقال الاسبوع – تقوم لجنة البحرنة بجهد مشكور في تتبعها لاسباب التوجه نحو توظيف الاجانب بدلا من البحرينيين. وقد سارعت العديد من الجهات بوعود توظيف وفتح المجال للبحرينيين. السؤال لماذا احتاج الامر الى الوصول الى ازمة لكي تدرك هذه الجهات ومنها حكومية ضرورة توظيف البحرينيين لتفادي انفجار المجتمع؟ هل هو توجه ام مصادفة؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1176195

ينتهي دور الانعقاد لمجلس النواب في فترة الصيف من دون أن تهدأ تمنيات وتطلعات الناس إلى تحسين مستوى معيشتهم وتوظيف أولادهم، لكن يهدأ النقاش والحوارات الحادة، وتنشغل وسائل التواصل الاجتماعي بقضايا عامة أكثر التصاقا بالوضع العربي العام غير المطمئن.

لم تتوقف لجنة بحرنة الوظائف عن العمل خلال فترة الصيف ونتقدم لها ولرئيسها بالتقدير على المتابعة والجهد الذي يبذلونه. فقد اجتمعت لجنة البحرنة خلال الفترة الماضية مع عدد من الشركات والوزارات وخلصت إلى نتائج قد لا يكون فيها علاج لمشكلة البطالة وإصلاح سوق العمل ولكنها بداية وجهد مشكور قد يؤدي إلى ذلك إذا تضافرت له عوامل التعاون من قبل الحكومة وخاصة وزارات العمل والتجارة والتربية والتعليم وديوان الخدمة المدنية. وإذا أضفنا إلى ذلك الجهد الذي تبذله وزارة العمل والذي كان نتيجة ارتفاع عدد المسجلين لديها إلى أكثر من عشرة آلاف عاطل فإن ذلك يعتبر إقرارا بوجود مشكلة وطريقا إلى الحل. 

غير أن أعداد الخريجين في تزايد وأعداد العاطلين في ارتفاع، فهناك دفعة جديدة من الطلبة من الجامعة والمدارس قد يصل عددهم إلى خمسة أو ستة آلاف متخرج، لذا فإن الجهد المطلوب من الوزارات ومن الشركات الحكومية والقطاع الخاص ولجنة البحرنة يصبح أكثر أهمية.

سعت لجنة البحرنة خلال فترة الاستراحة البرلمانية إلى مقابلة شركات عدة منها مثلا شركة أسري وهي شركة بحرينية تمتلكها الحكومة (ممتلكات) بنسبة 97% ووجدت أن نسبة البحرينيين في الشركة لا يتجاوز الـ26% فقط (في حين نسبة البحرنة المقررة هي 50% وهذه النسبة تفسح المجال للشركة للتخلص من مهمة تدريب البحرينيين). عدد موظفي أسري يزيد على 1800 موظف بينهم 484 بحرينيا فقط والباقي 1390 أجنبيا بينهم من يتقاضى 2000 دينار شهريا. الدليل على ضعف التدريب في الشركة أن نسبة كبيرة من الأجانب عملوا في الشركة منذ الثمانينيات. الخلاصة التي خرجت بها لجنة البحرنة أن الشركة ليس لديها خطة إحلال ولا تدريب منظم يخرّج كوادر بحرينية فنية ومهنية ولا أي اهتمام بقضية البحرنة. وهذه الخلاصة تنطبق على الكثير من الشركات المملوكة للحكومة وعلى الوزارات.

في قضية التدريب قد تقول الوزارات والشركات التابعة للحكومة إن تمكين هي المسؤولة عن التدريب، لكن مسؤولية تمكين بشكل أساسي هي إعداد كوادر عامة موجهة إلى القطاع الخاص وليست كوادر خاصة للشركات الكبيرة والحكومة، فهذه لديها من الإمكانيات ما يجعلها قادرة على التدريب. التقت لجنة البحرنة الرئيس التنفيذي لصندوق العمل «تمكين» وناقشت خلالها فرص تعزيز جهود البحرنة وتوسيع قدرة الموظف البحريني وتنمية مهاراته التنافسية. وقد تم الاتفاق على دراسة فرص التعاون بين لجنة البحرنة وتمكين لدعم مشروع البحرنة والخطة الوطنية لسوق العمل. اللافت هو أن هذه الخطة اختفت ولم نعد نسمع عنها ما يوضح تقدمها نحو إصلاح سوق العمل، ولا إلى أين وصلت في برامجها.

ففي اجتماعات لجنة البحرنة مع وزارة العمل والرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل وممثلين عن الهيئة العامة للتأمينات طالبت لجنة البحرنة في الاجتماع موافاتها بآلية تنفيذ الخطة الوطنية لسوق العمل، واتضح من الاجتماع أن اللجنة المكلفة بالتنفيذ اجتمعت مرة واحدة فقط منذ 2007 ولم توضع خطة للتنفيذ. ووعدت وزارة العمل بمعالجة الأمر، وبرز في الاجتماع أنه لا يوجد توافق في نسب البحرنة بين وزارة العمل وبين هيئة التأمينات وبين هيئة تنظيم سوق العمل وهناك تفاوت في أرقام كل منها. أعطت لجنة البحرنة مهلة لوزارة العمل والجهات المعنية إلى بداية الفصل التشريعي الثاني لتصحيح الوضع. وإلى الآن لا نعرف ماذا فعلت الوزارة في هذا الصدد، ولم ينشر ما يشير إلى أي تقدم في عمل الوزارة ولجنتها المعينة للتنفيذ.

في اجتماعات لجنة البحرنة مع الوزارات تخرج بوعود بتوظيف أعداد من البحرينيين، هذا التصرف يوحي بأنه كان هناك عزوف عن توظيف البحرينيين أو توجه إلى عدم توظيفهم، وهذا التوجه يبدو أنه توقف الآن وبدأت الوزارات في توظيف البحرينيين. وقد اتضح ذلك من الوعود التي حصلت عليها لجنة البحرنة من وزارة الكهرباء والصحة والأشغال وجامعة البحرين. فوزارة الأشغال مثلا بها 537 موظفا أجنبيا برواتب تصل إلى أكثر من 700 دينار، على خلاف ما تقوله الوزارة من أن الأولوية للمواطن. أما وزارة الصحة فبلغ عدد الأجانب 1781 طبيبا بينهم 1760 أجنبيا. أما جامعة البحرين فقد اتضح أن بها 339 موظفا أجنبيا، 22% منهم (252) أكاديميا والباقي وظائف هندسية وفنية واستشارية. أما وزارة التربية والتعليم التي من المفترض أن تؤهل البحرينيين فقد تبين أن نسبة الأجانب بها تصل إلى 17% تقريبا من الوظائف الفنية والإدارية، فضلا عن الجانب التعليمي. 

في محاولة لمعالجة الوضع صرح رئيس ديوان الخدمة المدنية، بشأن تنظيم التدريب والإيفاد، بأن هذه التعليمات تهدف إلى «إعادة إصدار تعليمات الخدمة المدنية رقم (2) لسنة 2013. من خلال تحديث نظام التدريب والتطوير لموظفي الجهات الحكومية». نفهم من ذلك أنه كانت هناك تعليمات للإيفاد والتدريب لم تتقيد بها الوزارات.

كما نخرج من هذه المقابلات بكثير من التساؤلات قد تحتاج إلى مقال آخر، لكن السؤال الآن لماذا لم تبادر الوزارات والشركات الكبرى بالتدريب والتوظيف قبل الإصرار من مجلس النواب ولجنة البحرنة؟ لماذا التمادي في توظيف الأجانب في الوقت الذي ينتظر البحريني سنوات للحصول على وظيفة؟ نأمل من لجنة البحرنة أن تخرج بإجابات على مثل هذه الأسئلة وغيرها التي تثيرها مقابلاتهم. 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *