نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

مؤشر البحرين للتنافسية والتنويع الاقتصادي

صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي ومجموعة البنك الدولي نتائج تقييم التنافسية العالمية والتي تقارن دول العالم وفق 12 مؤشر يحدد قدرة الدولة على المنافسة في الأسواق العالمية وجدب الاستثمارات ومستوى انتاجيتها وابتكاريتها. المؤشرات المستخدمة تتكون من ثلاث مجموعات. المجموعة الأولى بها اربع ركائز تمثل المتطلبات الأساسية للتنافسية وتشمل المؤسسات والبنية التحتية والمناخ الاقتصادي الكلي والصحة والتعليم الأساسي. المجموعة الثانية تتكون من ست ركائز تعتبر محفزات للكفاءة وهي التعليم العالم والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاء سوق العمل، وتطور أسواق المال، والاستعداد التكنولوجي، وحجم السوق. المجموعة الثالثة تشمل ركيزتين هما تطور الاعمال والابتكار. ويتم تقييم الدول وفق المعايير الاثني عشر.  

اظهر التقرير مخاوف من ان المقاربات الاقتصادية الحالية لا تخدم الدول والمجتمعات بما يكفي وتساؤل حول زيادة واتساع الفجوة بين الغنى والفقر، وتحديات التغيرات التكنولوجية والعولمة وتأثيرهما على فرص العمل، مما حفز نداءات متزايدة للتحول نحو نموذج يضع الانسان في وسط التقدم الاقتصادي.

الهدف من وضع الانسان في قلب السياسات الاقتصادية هو زيادة رفاه المواطن والمجتمع واستدامته وعدالته. اما نمو الناتج المحلي الإجمالي فهو لا يمثل غاية اقتصادية لكنه قد يكون شرطا لتحقيق الرفاه. وبالتالي من المهم ان تراقب الدولة العوامل التي تساهم في زيادة تنافسيتها مع عدم اغفال الأهداف الاجتماعية. فمن هي الجهة المسئولة لدينا عن إدارة هذه المعايير؟ 

يقدم التقرير بعض التوصيات لصناع السياسات ومعلومات تقود الى زيادة فهم العوامل الرئيسية الدافعة للنمو. كذلك يسهم في تحديد التحديات التي تواجه كل دولة والمعوقات لتحسين اداءها الاقتصادي مقارنة بالدول الأخرى. لكن من المهم ان لا يُتخذ الترتيب على انه دليل للتقدم بل ينظر الى النتائج بشمولية مع تفحص التفاصيل لاستخلاص فرص التقدم في كل معيار منها والاولويات التي تبرزها هذه المعايير لتحقيق الرفاه للمواطن والمجتمع. هذا الرفاه هو المعيار ويتحقق فقط اذا تمكنت الدولة من خلق بيئة تُوازن بين منطق السوق واحتياجات الدولة ومتطلبات المجتمع مع عدالة في التوزيع وتضييق التفاوت في الدخل والثروة.

بالنسبة للبحرين اظهر التقرير تحسنا في الجاهزية التكنولوجية وتحسن في البنية التحتية، في المقابل بين التقرير ضعف الأداء في الاقتصاد الكلي (الدين العام وتوفير الاستثمار للمشاريع ذات المستوى العالي من المخاطرة وتحسين جودة التعليم). من التوصيات التي برزت هي الحاجة الى نموذج اقتصادي مبني على الابتكار، وهذا يتطلب أولا إيجاد منظومة وطنية للتنافسية تكون مسئولة عن إدارة العناصر الاثني عشر ضمن منظور شامل للتنمية، وان يعهد بها الى جهة مسئولة تديرها وتضع الاستراتيجية الوطنية لها وتكون مسئولة عن تنفيذها.

بالإضافة الى وضع الانسان في قلب السياسات الاقتصادية كغاية أساسية للسياسة التنموية لتقلل التفاوت في الدخل والثروة وتضييق الفجوة بين الأجيال وتحقيق المساواة في الفرص بما في ذلك جودة التعليم والصحة والامن ودخل الفرد الحقيقي، فانه يسعى كذلك الى تخفيف التأثير على البيئة لضمان استدامتها. من هذا المنظور تكون التنافسية عنصر مهم في خلق التوازن بين رفاه الانسان واستدامة البيئة واستقرار المجتمع. 

لتحقيق مستويات اعلى من التنافسية المتوازنة يوصي التقرير اعتماد قياس أداء وفق المعايير الواردة في التقرير والتي تنقسم الى ثلاث فئات هي: النمو والتنمية، المشاركة المجتمعية، والمساواة والاستدامة. كل من هذه الفئات تنقسم الى معايير منها معيار التفاوت في الدخل والتفاوت في الثروة ومعدلات البطالة والفقر والتوفير والدين العام ودخل العائلة وإنتاجية العمالة بالإضافة الى معايير الصحة والبيئة والتعليم. ويشترط التقرير ان يتم التعامل مع هذه المؤشرات على انها منظومة واحدة تتطلب التقدم فيها جميعا وفق استراتيجية تنموية. فما هي السياسات والمؤسسات التي نحتاج اليها لتحفظ المجتمع من مضار تفاوت الدخل وتحفظ البيئة من تأثير النمو الاقتصادي الجائر على حدودها العليا وتدهورها في البر والبحر والجو؟ ومن المسئول عنها؟

يقدم التقرير عدد من المقترحات مثل الاهتمام بجودة التعليم وخلق فرص عمل للشباب. بالإضافة الى زيادة الصادرات وزيادة مستوى الابتكار وتبني التكنولوجيا. كذلك يقترح التركيز على الصناعات الموجهة للتصدير. كما يقترح تعزيز الحوكمة وتقوية المجتمع المدني ومنظماته وزيادة الاهتمام بالبيئة. بالإضافة الى ذلك نرى انه من الضروري تطوير قدراتنا في التدريب المهني والاحترافي الموجه نحو قطاعات محددة واهمها التصنيع. بالإضافة الى كل ذلك نرى ان نهتم بتوفير المعلومات بشكل اكبر واكثر شفافية للمجتمع والباحثين والصحافة لكي تساهم في تطوير القدرات الابتكارية والتنافسية وتهيئ مناخ من الحرية مناسب لها.

ما حققته البحرين يعتبر انجازا مهما لكن الأهم ان نكون قد تقدمنا عن السنوات السابقة في كل المعايير وليس فقط في بعضها. ثانيا ان نكون قد حققنا الهدف من هذا المعيار وهو النمو الاقتصادي الحقيقي وتقليل مستوى الفقر في البلاد. لذلك يصبح تحديد مستوى الفقر احد اهم ركائز هذا المعيار وفي غيابه يفقد هذا المعيار أهميته والغاية منه. وعليه فإننا نناشد السلطة ووزارة العمل والشئون الاجتماعية بشكل خاص الإفصاح عن هذه المؤشرات والعمل على التخفيف من تأثيرها على المجتمع بالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات المدنية. ثالثا يوصي التقرير بان تكون هناك جهة مسئولة عن “المنظومة الوطنية للتنافسية”، هذه المنظومة يجب ان يقوم عليها جهاز مؤلف من القطاع العام والقطاع الخاص ومختصين. لذلك نطرح السؤال مرة أخرى من هي الجهة المسئولة عن هذه المنظومة ومناط بها مراقبة التقدم فيها ووضع السياسات وبناء المؤسسات لتطويرها؟

mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *