نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الاربعا 7 يونيو 2023

مقال الاسبوع – اصبحت الضرائب على الشركات موضوع نقاش وشد وجذب بين الحكومة ومجتمع التجار. وجود الضرائب امر لا بد منه والجدل الدائر فقط على من يتحمل العبئ؟؟ لم يتحرك التجار عند اقرار ضريبة القيمة المضافة، اي ان الضريبة موقف سياسي يقرر مصلحة من تسود. لذلك لا يوجد جديث جدي عن ضريبة الدخل وضريبة الثروة.

https://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1332880

الضريبة على الشركات ومستوى المعيشة (2)

تحدثنا في الاسبوع الماضي عن ندوة ضريبة الشركات في مجلس الدكتور محمد الكويتي وانتهى المقال بان تاثير هذه الضريبة المباشر على المواطن سوف يكون محدودا جدا، بل يستفيد من تحسين الخدمات وامكانية رفع مستوى المعيشة بالنسبة لمحدودي الدخل. يهتم النواب والشوريون والجمعيات السياسيية والمثقفون بمختلف توجهاتهم والمجتمع بالمحافظة على مستوى معيشة المواطن. وهذا الاهتمام مرتبط بالمحافظة على حد ادنى من الدخل يحفظ كرامة المواطن. يرى المحاضران ان اي تراجع في مستوى المعيشة يقود الى تبرم المواطن وتذمره قد يؤدي الى عدم استقرار سياسي بالاضافة الى عدم استقرار اجتماعي واسري. رفع مستوى المعيشة لا يتحقق الا من خلال رفع دخل المواطن وتحسين المعاشات التقاعدية. لذلك فان هذه الضرائب وغيرها من التي تؤخذ من الطبقات الاقوى في المجتمع هي اداة سياسية فعالة للحفاظ على المستوى المعيشى والامن الوطني ومصلحة وطنية يتفق عليها الحكومة والمجتمع.  

اكد المتداخلين على اهمية التوقيت لهذه الضريبة، والحاجة الى دراسة متانية لتلافي اي تاثيرات سلبية. يقول احد المتداخلين ان التغييرات التي تحدث في الهيكل المالي للحكومة مفروضة مثل القيمة المضافة والان ضريبة الشركات. بينما ينادي المختصون والمهتمون بان تنبع هذه التغيرا، بما فيها الضرائب، من خلال الاحتياجات الذاتية وطبيعة الهيكل المالي البحريني وليس استجابة لاحتياجات دول اخرى، فالضرائب المفروضة قد تضر اضعف حلقة في المجتمع وتضر بالاقتصاد. فالضريبة على ارباح الشركات غير محصنة من التهرب الضريبي مما يصعب ادارتها. ويرى ان يكون النظام الضريبي يتناسب والوضع الاقتصادي والمالي ويلبي احتياجاتنا. لذلك فان ضريبة مجمل الدخل اسهل في التطبيق والمراقبة اداريا من ضريبة الارباح، خصوصا اذا كانت  قليلة (1%) يصعب ان ينتج عنها تهرب بطرق محاسبية او تنظيمية. في هذه الحالة قد تصل العائدات وفق احد المتداخلين الى 1.5 مليار دينار.

يرى المتداخلون ان لا ينظر الى الضرائب بمغزل عن السياسة الضريبية التي تعكس السياسة الاجتماعية الاقتصادية بما يتناسب مع المنظور الاقتصادي الاجتماعي لقضية التنمية بحيث تخدم التنمية المستدامة من جهة والاستقرار الاجتماعي من جهة اخرى. كانت الضرائب في المنطقة شديدة الحساسية، وبحكم طبيعة الانظمة الاجتماعية الاقتصادية لم تكن الضرائب محبذة او محبوبة من قبل المسئولين ومن الناس ومن الشركات ولم يتشجع احد على تبنى طرحها كاداة لتمويل الدولة، بل يرى المسئولين حينها ان تكلفة جبايتها وادارتها اعلى من ايراداتها. الان وقد اصبحت الضرائب واقعا فانه من الضروري تقوية جانب التخطيط في ادارة الاقتصاد والتنمية بشكل عام. وهذا قد يتطلب انشاء جهاز تخطيط على مستوى رئاسة الوزراء او مجلس التنمية الاقتصادي يحدد توجه الاقتصاد بشكل اكثر شمولية وعمق ووضع معالجات لمستوى المعيشة والبطالة والنمو الاقتصادي.

الضرائب نوعان، نوع يفرض على الجانب الاستهلاكي ومنها ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك ونوع يفرض على الجانب الانتاجي ومنها ضريبة الشركات وهي الافضل بين النوعين. هذا يعني ان الشركات المنتجة هي التي تدفع ضرائب على عائداتها من الانتاج وتغذي الميزانية العامة لكي تتحقق العلاقة بين الميزانية العامة والنشاط الاقتصادي بذلك تستفيد الميزانية من مساهمة الاستثمارات (الانتاجية) الاجنبية ونمو الشركات المحلية. اما الضرائب الاستهلاكية فماهي الا اعادة تدوير ما سبق ان وزعته الحكومة في صيغة رواتب واجور ودعم اجتماعي.

ايا كانت الضرائب، ينبغي ان تكون بنسب متدرجة تصاعديا لتحقيق العدالة بين الشركات. الشركات الكبيرة ذات الدخل المرتفع قادرة ان تساهم بنسبة اكبر من الشركات الصغيرة. وفي هذا السياق نوه المتداخلون الى الحاجة الى اعادة النظر في نظام الدعم وضرورة توجيهه لمستحقيه، فليس من العدل ان يشمل الجميع، هناك فئات ميسورة لا تحتاج مثلا الى دعم الكهرباء ودعم الغذاء وغيره من اوجه الدعم.

يختتم المتداخلون مناقشتهم ببيان اسس الضريبة السليمة: اولها ان تكون واسعة تشمل قطاع واسع من الشركات ولا تركز على قطاع دون اخر؛ وان تكون هامشية بحيث لا تؤثر على القوة الشرائية ولا تُحدث خللا في ميزان العرض والطلب؛ ان تكون مناسبة ونابعة من متطلبات الهيكل الاقتصادي المحلي والسياسة الاجتماعية الاقتصادية. كذلك ينبغي ان تضع في الاعتبار مستوى وطبيعة التدفقات المالية في البلد. فالمضاربات المالية قادرة على سرعة الانتقال وخروجها من المنطقة تنتقل من والى الاقتصاد، على عكس الاستثمارات الانتاجية الصناعية التي تساهم في الاقتصاد ويصعب نقلها بنفس السرعة. من ناحية اخرى فان المؤسسات المالية عادة ما توزع معظم ارباحها مما يقلل نسبة الاستثمارات والتوسع لمصلحة الاقتصاد المحلي. لذلك فان السؤال الذي طرحو المنتدون يتعلق بالتوقيت: هل هذا هو التوقيت مناسب لفرض مثل هذه الضريبة؟ وهل تعافى الاقتصاد من تاثير جائحة كورونا، وماذا عن تاثير ارتفاع نسبة النمو السكاني مقارنة بالنمو الاقتصادي على مستوى المعيشة؟

يشير احد المتداخلين ان هذه قضايا تتطلب دراسة متانية وتقييم ووضع السيناريوهات لمعرفة تاثير الضريبة على الاداء الاقتصادي من حيث توفر السيولة ومن حيث تاثيرها على المواطن. ويرى المتداخلون ان الضريبة الاكثر ملاءمة في هذا التوقيت والتي لها تاثير اقل على الاقتصادي والقوى المحركة له هي ضريبة على فوائد الايداعات وضريبة على ارباح العوائد الرأس مالية، وضريبة الثروة، وضريبة على العقار والاراضي البيضاء. مثل هذه الضرائب اقل تاثيرا على السوق وتدعم تصحيح التدفقات النقدية. اليوم الدين العام والخاص بلغ 200% من الناتج المحلي ، كما اننا في اسفل الدائرة الاقتصادي وفرض ضريبة على الفوائد قد يقلل من كلفة الدين العام للدولة.

يخلص المتداخلون الى ان فرض ضرائب في حد ذاته مطلوب ولكن كذلك مطلوب التاني والدراسة المعمقة والشاملة، واتخاذ الاجراءات الداعمة مثل التخطيط والحوار وهذا ما وعدت به الحكومة ويتساءل المنتدون متى ستنتهي الدراسة ويبدأ التطبيق. والسؤال الاخر الذي لم يتطرق له المنتدون: ماهي الاجراءات والاصلاحات المطلوب وضعها لتقوية اسس الحوكمة وتدفق المعلومات لادارة نظام ضريبي بهذه الشمولية والحجم؟

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *