نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم الدكتور محمد عيسى الكويتي

الخميس 1 يونيو 2023

مقال الاسبوع – تناقش الحكومة والمجتمع قضية فرض ضرائب على الشركات. تشهد البحرين انقسام بين مؤيد ومعارض، رفضتها جهات رسمية مثل مجلس التنمية الاقتصادية وغرفة التجارة ويؤيدها مجلس النواب والشورى كما يبدو. الضرائب امر مهم في تمويل ميزانية الدول لكن المشكلة التي عليها التعامل معها ان هناك رفض عام لتحميل عبء الضريبة على المقتدرين. 

https://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1332357

الضريبة على الشركات ومستوى المعيشة (1)

في ضوء الحوار الدائر على خلفية التوازن المالي تطرح الحكومة امكانية فرض ضريبة على الشركات، وفقا لمقترح منظمة التعاون الاوروبية لمعالجة التهرب الضريبي لديها، بما لا تقل عن 15%، تم الاتفاق مع 130 دولة ومنها منطقة الخليج.

بدات منظمة التعاون والتنمية الاوروبية في 2019 بالتفاوض مع الدول حول فرض ضريبة على الشركات، اتفقت مع 130 دولة على ضريبة لا تقل عن 15% على الشركات، ومتوقع تطبيقه في 2023. ضريبة الدخل وضريبة الثروة وغيرها من الضرائب مطبقة في جميع دول العالم وتمثل المصدر الرئيسي لتمويل ميزانيات الحكومات باستثناء تلك التي لديها موارد طبيعية تملكها الحكومات لتمويل الميزانية كما في الخليج. بالنسبة لدول الخليج فقد فرضت ضريبة على الشركات بنسب مختلفة والان تدرس البحرين امكانية فرض ضريبة مماثلة. يجري الحوار بين الحكومة والمجلسين وزداد اهتما المجتمع بمناقشة هذه الضريبة والضرائب بشكل عام. للمساهمة في النقاش اقام مجلس الدكتور محمد الكويتي ندوة قدمها عضور مجلس الشورى سعادة الدكتور عبدالعزيز ابل، بالاشتراك مع المختص في الضرائب والشريك من ايرنست ويونغ الاستاذ علي فيصل المحروس وشارك في المداخلات عدد من المهتمين.

موضوع الضرائب شامل ومتنوع، ويمكن الحديث عنه على مستوى الانتاج وعلى مستوى الاستهلاك او(التوزيع)، ويعتمد على النشاط الاقتصادي والوعاء الضريبي الذي يتيح للحكومة اتخاذ القرار في من يدفع ومن يستفيد وفق التوافقات والقوى المؤثرة في المجتمع. تختلف فئات المجتمع في مستوى الانفاق والانتاج، وبالتالي مستوى التأثر بالضرائب ومستوى تاثيرها في الطلب والنشاط الاقتصادي. فمثلا الطبقة الاضعف هي التي تنفق جميع دخلها في الاقتصاد على الاساسيات وبالتالي تتاثر اكثر بضريبة الاستهلاك (ومنها ضريبة القيمة المضافة) بينما الطبقة الغنية نسبيا اقل انفاقا واقل تاثرا، في حين تتاثر الطبقة المتوسطة بشكل كبير، فهي الفئة الاكبر، تنفق نسبة كبيرة من دخلها وتحرك الاقتصاد كما انها تدخر نسبة تمول الاستثمار وكذلك تنتج الافكار للنمو وتؤسس شركات. بعض الضرائب اكثر عدالة بحيث تاخذ من المقتدر اكثر وبعض الضرائب تساوي بين الضعيف والغني، وهي بذلك تكون غير عادلة حتى وان ادعت المساواة. من الامور المهمة في قرارات الضرائب تاثيرها على توفر السيولة للاستثمار. لذلك تحرص الحكومات على تقليل تاثير الضرائب على مستوى السيولة وقوة الطلب على السلع والخدمات والنشاط الاقتصادي بشكل عام.

بالنسبة لنا في البحرين هناك عدد من الضرائب مثل الضريبة الانتقائية على بعض السلع المصنفة على انها ضارة بالصحة، وضريبة القيمة المضافة التي يتضرر منها ذوي الدخل المحدود بشكل اكبر. لم يتم تطبيق ضريبة الدخل الى الان. هذه الضريبة اكثر عدالة كونها تصاعدية مع ارتفاع الدخل، وتقديم اعفاءات لمن يقل دخله عن حد معين.

الضريبة التي يجري الحديث عنها ستكون على الشركات وتطال الشركات الكبرى، وتكون تصاعدية مع اعفاء الشركات التي يقل دخلها عن حد معين. ويرى المتحدثون ان الاعتقاد بتسبب الضرائب في الاضرار بتنافسية البحرين وهروب الشركات يفتقد الى الصحة، فجميع الشركات تفترض انها سوف تدفع ضرائب وتُدخله في حساباتها، وهذا نظام معمول به في معظم دول العالم.

فرض الاتحاد الاوروبي ضريبة 15% على الشركات العاملة خارج دول الاتحاد والتي يزيد ايراداتها عن 750 مليون يورو (350 مليون دينار تقريبا) للحد من التهرب الضريبي الذي تعمد اليه بعض الشركات. وقعت البحرين على هذا الاتفاق في 2021 لكن لم يطبق حتى الان. بالنسبة للبحرين فان شريحة صغيرة جدا من الشركات سوف تخضع لهذا القانون. بالاضافة الى ان البحرين غير ملزمة بالحد الادنى ويمكن ان تفرضه على الشركات التي يقل ايرادها عن هذا الحد لزيادة الوعاء الضريبي.

سوف تطبق الامارات هذه الاتفاقية في اول يونيو، صنفت لذلك الشركات الى ثلاث نسب الشركات التي يقل ايرادها عن 375 الف درهم اماراتي تكون الضريبة صفر في المائة مع التزامها بتقديم بيانات مالية واقرار ضريبي. بالنسبة للشركات التي يكون دخلها اكثر من 375 الف درهم اماراتي تخضع لنسبة 9%. بالنسبة للشركات التي تزيد ايراداتها عن 3 مليارات درهم اماراتي تكون نسبة الضريبة 15%. بالنسبة للسعودية ضريبة الدخل على الشركات 20%، عمان والكويت 15%، وقطر 10%. بالنسبة للامارات ما قبل هذا القرار كانت نسبة الضرائب على شركات النفط والغاز  35%، والمصارف الاجنبية ما بين 20 الى 25%، يختلف من امارة الى اخرى. في البحرين واقعيا لا توجد ضريبة دخل على الشركات وان كان هناك على النفط والغاز، لكن بحكم كونها مملوكة للدولة فلا تدفع ضريبة.

تم طرح سؤال حول مدى تاثير هذه الضرائب على المستهلك (المواطن) لهذه الخدمات التي تقدمها الشركات. يرى المحاضران ان هذه الضرائب لا تؤثر على المواطن بشكل مباشر كونها تُخصم من الارباح في نهاية السنة وفرصة تمريرها الى المستهلك قد تكون اصعب. كما ان التنافس في السوق قد يحد من قدرة الشركة على رفع اسعارها تحسبا لدفع الضريبة اخر السنة. وبالتالي فان تاثر المواطن المباشر، في نظر المحاضر، لن يحدث. بينما هناك فوائد تعود على المواطن جراء الاستفادة من هذه الضرائب في تحسين الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية والضمان الاجتماعي، فالمتوقع تحصيله من هذه الضرائب يتراوح بين 400 الى 500 مليون دينار.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *