نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1.  غزة في مجلس النواب- ماذا بعد النقاش؟

تاريخ النشر : 6 فبراير  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

في جلسة ساخنة حول غزة ناقش مجلس النواب البحريني وتوصل الى الاشادة بالمقاومة وتحميل الانظمة العربية مسئولية دماء الشهداء ووجهوا الشكر للرئيس الفنزويلي على مواقفه. كما وافق المجلس على عدد من المقترحات منها تخصيص دعم مادي من ميزانيته لدعم المقاومة الفلسطينية واصدار بيان للتنديد بالمجازر ومخاطبة الانظمة العربية للقيام بمسئوليتها. وتساءل احد النواب “من حقنا ان نسأل الشعوب العربية وحكامها الى متى هذا الضعف والهوان، أين الضمير العربي؟ أين حقوق الإنسان؟ أين الضمير العالمي؟”. كما طالبوا كغيرهم بفتح المعابر ووقف التطبيع وفتح مكاتب المقاطعة الشعبية للبضائع الامريكية. كذلك نددوا بمواقف الرئيس الفلسطيني ورفضه التوقيع على اتفاقية المحكمة الجنائية لتقديم قادة الحرب الصهيونية الى المحكمة الجنائية. وتقدم 30 نائب بطلب فتح مكتب المقاطعة. هذه كلها مشاعر وطنية جياشة تستحق الاطراء وتعبر عن مشاعر كل البحرينيين والعرب والمسلمين. غير ان اهم ما جاء في حيثيات واسباب المطالبة بالمقاطعة هو اولا: تشجيع الصناعات المحلية والوطنية والصديقة، وثانيا: الاستفادة من الرأي العام العالمي الذي نتج عن الغزو.

نعم ان العدوان على غزة يجب ان لا يمر كأي حدث من الاحداث التي تعرض لها العالم العربي والاسلامي. يجب استغلال كل عنصر من عناصر القوة في المواقف الدولية والتركيز على عناصر الضعف في الموقف الاسرائيلي. وفي هذا المقام فان مجلس النواب بكتله السياسية مطالب اكثر من اي منظمة او جمعية ان يقود الصحوة هذه وان يستفيد من المناخ الذي خلقته هذه الحرب. وبالتالي فان عليه ان لا يكتفي بما سردنا اعلاه من مشاعر جياشة نبيلة سرعان ما تخبو بعد الحرب ويعود المجلس الى مناكفاته ونقاشه لقضايا هامشية لا تؤدي الى تقوية النظام العربي اقتصاديا او سياسيا اوعلميا.

المجتماعات العربية والاسلامية اصبحت مهيأة اكثر من اي وقت مضى الى التفاعل مع القضية الفلسطينية ونصرة اخوانهم في غزة وفلسطين. وهذه الفرصة تحتاج الى قيادات تترفع عن صغائر الامور والمناكفات الطائفية والنظر الى القضية على انها مصيرية هامة تحتاج الى من يرسم لها معالم طريق يحدد دور المجتمع المدني في دفع الحكومات للتصرف وفق مصالح عربية واسلامية وليس وفق مصالح فئوية او عائلية او طائفية. فكيف سيتصرف مجلس النواب؟

ان المطالبة بفتح مكتب المقاطعة، بالرغم من كونه مطلب عادل ومنطقي ومؤثر، الا انه غير كاف في هذه المرحلة. كما انه يضع الحكومة في اشكالية حول الاتفاقية التجارية مع “الصديق” الامريكي. لذلك فان الخيار الايجابي هو ان يتبنى المجلس مع الكتل النيابية ومنظمات المجتمع المدني مكتب لنصرة ودعم القضية الفلسطينية بتمويل ملكي ورسمي وبرلماني وشعبي، يقوم بمهام منها رصد جميع القوى الداعمة في العالم العربي والعالمي، التعرف على القوى العاقلة في الكيان الصهيوني والتي ناهضت الحرب ووقفت ضد حكوماتها، وشحذ المساعدات والدعم المادي والمعنوي للتاثير على الكنجرس الامريكي باستخدام الاموال العربية، وتوحيد جهود المنظمات العربية والاسلامية في الاعلام وابراز وجهة النظر العربية العادلة. وان يعمل البرلمان مع جهات عربية مناضلة اخرى بتعميم مثل هذه المكاتب في الدول العربية والاسلامية لتتظافر جهودها لمعركة اعلامية وسياسية واقتصادية تستهدف المجتمع الامريكي والغربي. 

الاتجاه الاخر الذي يمكن ان يركز عليه مجلس النواب هو الاهتما بالقضايا المركزية والاستراتيجية في طرحه للمشاريع والقوانين والتخفيف من بحث القضايا الخلافية والصغيرة. وان يقدموا للحكام مثالا لاعتماد الفكر الاستراتيجي وتغليب القضايا الكبرى على كل ماهو هامشي يهدر الطاقات ويبدد الجهود ويخلق الانقسامات داخل المجتمع. البحرين كبقية دول العالم العربي متخلفة سياسيا واقتصاديا وعلميا. ومعركتنا مع العدو طويلة ومتعددة الجوانب وسيكون الحسم فيها للعلم، والتنمية الاقتصادية والبشرية، والديموقراطية. لذلك فان على المجلس التركيز على القضايا التي من شأنها ان تؤسس لاعتماد البحث العلمي منهجا والتطوير التكنولوجي اساسا للتنمية الاقتصادية والعمل على سن القوانين والتشريعات لتمويل هذا الرافد الهام للاقتصاد الوطني والقومي. كما عليه ان يسعى مع الحكومة في تعزيز حكم القانون وقيم الديموقراطية كونها من العوامل المؤثرة في الرأي العام الغربي. وبذلك يصدق ما أدلوا به من رغبة في تشجيع الصناعات المحلية واستغلال الرأي العام العالمي.

لقد بدأت وبادرت الجمعيات السياسية، ومنها جمعيات برلمانية، بتأسيس لجنة لدعم فلسطين (دعم). ونرى ان هذه بداية هامة يجب استغلالها واختضانها من قبل المجلس وجعلها النواة للعمل المشترك الجاد في الجهاد من أجل رفعة ونصرة العرب والمسلمين والانتصار للقضية الفلسطينية وبهذا نحفظ دم الشهداء من الضياع. فلا يكفي التساءل الى متى ضعف وهوان الحكام الذي ينطبق عليهم قول الشاعر “لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي”. ولا يكفي استصراخ الضمير العربي والعالمي والاستنجاد بجمعيات حقوق الانسان العالمية، علينا ان نغير ما بانفسنا اولا وعشمنا في مجلس النواب كبير. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *