نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. وزارة التربية وظاهرة التفوق 

  تاريخ النشر :١٠ يوليو ٢٠١٣ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع- وزارة التربية تخرج 1500 نابغة وعبقري سنويا ولا ندري اين يذهبون- ماهي سياسة التعليم؟. فشل وزارة التربية في ادراك ان مستوى النجاح ليس معيارا لجودة التعليم. 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12892/article/34562.html

يقول احد عناوين الصحف المحلية المحتفية بنتائج التعليم هذا العام «نبغ الطلاب في العلوم وتفوقت الطالبات في التجارة واللغات». نعم، فقد حصل اكثر من 460 طالبا وطالبة على معدل يفوق 95%. اما من حصلوا على ما يفوق 90% فقد يتجاوز عددهم الالف والاربع مائة. اي انه على مدى 10 سنوات يتخرج من نظام التعليم الحكومي 5000 تقريبا من النوابغ في العلوم والتجارة واللغات التي تفوق معدلاتهم 95%، وما يزيد على عشرة آلاف تفوق معدلاتهم 90% يصبح العدد 15 الفا سنويا. في بلد صغير كالبحرين كيف يضيع 15 الف نابغة ولا نرى منهم الا القليل؟ المفارقة هي ان الوزارة لا تتابع هؤلاء النوابغ وماذا يحدث لهم بعد الجامعة وكيف استفاد المجتمع من نبوغهم؟ وخصوصا ان من بينهم 35 نابغة يفوق معدلهم 98%.

 بعد ما يزيد على 10 سنوات من التخطيط والمشاريع المتعددة التي اعلنت عنها الوزارة والسياسات منذ عام 2003 إلى اليوم تحت نفس القيادة، نتساءل اولا: كيف تفسر الوزارة هذا التناقض بين القدرة على تخريج العباقرة والنوابغ والعجز عن متابعتهم لمعرفة مصيرهم؟ هل سألت الوزارة نفسها اين يذهب كل هؤلاء المتفوقون؟ ثانيا: كيف يبرر وزير التربية هذه الاعداد المتزايدة من النوابغ؟ ما هو السبب؟ هل هناك مثيل مثل هذه الظاهرة في العالم ام انها فقط من انجازات وزارة التربية؟ وثالثا: كيف نوفق بين ما يقوله وزير التربية وبين النتائج التي تعلنها هيئة ضمان الجودة. فمثلا تقول الدكتورة جواهر المضحكي ان عدد المدارس الحاصلة على اداء ممتاز هي 8% جلها من مدارس البنات، في حين «مدارس الاولاد ظلت خارج نطاق هذا التقدير»، فمن أين يتخرج هؤلاء النوابغ؟ 

 لا نرى ان هناك نقصا في الدراسات وفي المشاريع التي جربتها وزارة التربية وقد تتفوق على العالم في عدد المشاريع والبرامج والمبادرات التي جربتها والانجازات التي نفذتها منذ بداية الالفية الثالثة. ولكن المشكلة في العقلية التي تدار بها منظومة التعليم والمعايير التي تتبناها في التفوق. ماذا فعلنا من عام 2003 لكي نطور مخرجات التعليم ومدهم بالمهارات الاساسية؟ لو ركَّزت وزارة التربية على المهارات الاساسية مثل القراءة والكتابة والمحادثة والرياضيات كما يرى المختصون لكان وضعنا افضل من تشتيت الجهود في برامج ومشاريع تستنزف الميزانية ولا طائل منها. اقترحت بعض الدراسات اعتماد منظومة الابتكار الوطنية التي تشترك في تنفيذها مختلف الوزارات. هذه فقط واحدة من دراسات عدة وتوصيات كثيرة. ويبقى السؤال ما هي النتيجة؟ ومن المسئول عن تقييم الطلبة؟

 من وجهة نظر المدرسين الذين شاركوا في تقييم الطلبة في جامعة البحرين يقول احدهم ان مستوى الطلبة الذين يتقدمون للجامعة بشكل عام متدن جدا وفي نزول. احد الأسباب في نظره هي سياسة تنجيح الطلبة التي تتبعها الوزارة. اما وجهة نظر الطلبة، فقد اتضحت من المقابلات المنشورة في اخبار الخليج (26 يونيو 2013). يقول الطلبة بان نظام التعليم يعتمد على الحفظ «وتعودنا على الاجابة حرفيا كما هو في الكتاب». ويواصل بأنه «مرفوض تماما الاجتهاد او الاعتماد على المعلومات العامة»، ويقول ثالث «ان اغلب ما نتعلمه لا يفيد مستقبلنا العلمي»، وحتى المواد الفنية فإنها تعتمد على الحفظ. وان الحصص المخصصة للانشطة الابداعية مهدرة ولا يعتني بها احد ويقر احدهم بان الغش هو وسيلة لاجتياز الامتحانات. ناهيك عن خيبة الامل التي تواجه الطلاب من عدم حصولهم على التخصص المطلوب او عدم قدرتهم على الحصول على وظيفة بعد التخرج. وهناك من الطلبة من ينتقد المنظومة التعليمية برمتها. 

 ندرك ان مثل هذه الاجابات قد نجدها في افضل الدول ثم اننا لا نمتلك المعلومات للخوض في تفاصيل ولكن السؤال يجب ان يكون موجها إلى الوزارة. ما هي المعايير التي تستخدمها لتقييم المنظومة التعليمية؟ وكيف يتم التقييم؟ وهل تنشر نتائج هذا التقييم والمنهجية المتبعة في التقييم؟

 من التصريحات المعلنة لسعادة وزير التربية فان المؤشر المهم لدى الوزارة هو نسبة النجاح، وفي هذا العام فاقت 96% في الدور الاول، وسوف ينجح الباقون في الدور الثاني ان شاء الله. إلى أي حد تتحكم الوزارة في مستوى النجاح من خلال طريقة منح العلامات الاضافية؟

 مؤشر الخلل واضح ولا نعرف لماذا تغفل عنه الوزارة! في اي مجتمع فإن الغالبية العظمى هي من متوسطي القدرات الذين تتراوح مجاميعهم على وجه التقريب بين السبعين إلى الخمسة والثمانين. اما فئة النوابغ (ما فوق 95%) فمن المفترض ان لا تزيد على 2,5% تقريبا حسب التوزيع الاحصائي العادي. اما الوضع لدينا في البحرين فإن ما فوق 95% يشكلون 8% من عدد الطلاب المتقدمين للامتحان، وهذا اكثر من ثلاث مرات المعدل. وقد يكون اكبر بكثير لو احتسبنا من هم فوق التسعين. هذا العدد الكبير من المتوفقين يؤكد وجود خلل في النظام التعليمي وفي كيفية التدريس والامتحانات والقيم التي ترعاها وزارة التربية، ولم تقدم وزارة التربية شرحا مقنعا يخالف ذلك. وإلى ان يتم ذلك تبقى وزارة التربية تحت المساءلة.

 mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *